نأتي الأرض لتصوير كيفية
نقصها وتخريبها فإنه بإتيان الجيوش ودخولها فأصله تأتي جيوس المؤمنين لكنه أسنده لنفسه
تعظيما لهم وإشارة إلى أنه بقدرته ورضاه وفيه تعظيم للجهاد والمجاهدين، ويجريه إمّا من
الأفعال أو التفعيل وهذه الآية مدنية نازلة بعد فرض الجهاد كما مرّ فلا يرد أن السورة مكية
والجهاد فرض! بعدها حتى يقال إنها أخبار عن المستقبل. قوله: (رسول الله والمؤمنين (بيان
لمفعوله المقدر وتعريف الغالبين للجنس أو للعهد وهو كناية عن أنّ الغلبة والعزة للمؤمنين
وقوله: بما أوحى إشارة إلى أنّ التعريف للعهد ويصح أن يكون للجنس، وقوله: بالياء من
الأفعال وضمير الغيبة للنبيّ ﷺ أيضا ووضعه موضع ضميرهم إذ أصله بسمعهم أو لا يسمعون،
والتصامّ إظهار الصمم بالتكلف وهو من دلالة الحال لا من اللفظ، وقوله: وعدم انتفاعهم
إشارة إلى أنّ عدم سمعهم استعارة له، وقوله: بالدعاء فيه إنّ أعمال المصدر معرفاً قليل، لكن
التوسع في الظرف سهله. قوله: (والتقييد به لأنّ الكلام في الإنذار الخ) يعني أنهم لا يسمعون
كلامه سواء كان إنذارا أولاً ووصفهم بالصمم يقتضي أنهم لا يسمعون مطلقا فالتقييد به إفا لأن المقام مقام إنذار أو لأن من لا يسمع إذا خوّف كي يسمع في غيره فهو أبلغ. وأمّا أنه إذا أطلق يفيد هذا بطريق برهانيئ فيكون أبلغ لأنه يلزم من عدم سماعهم لشيء ما عدم سماعهم للإنذار كما قيل فلا يفيد التجاسر وعدم الخوف من الانتقام الإلهيّ دمانما يفيد أنه شأنهم فهذا مع أبلغيته من وجه أنسب. قوله: (أدنى شيء (تفسير للنفحة وذكر ما فيه من المبالغات وزاد السكاكي فيها رابعة وهي التنكير واعترض على مبالغة المس بأن المس أقوى من الإصابة لما فيه من الدلالة على تأثر حاسة المحسوس، وقد ذكره المصنف في سورة البقرة. وفيما ذكره هنا منافاة له ولا يخفى أنّ المصنف رحمه الله لم يجعل المبالغة فيه بالنسبة للإصابة بل لوقوعه في هذا المقام دون ذكر النزول وغيره مما يلائم العذاب وأنّ المس صمان كان أبلغ من الإصابة من هذا الوجه فهو لا ينافي كونها أبلغ لما فيها من الدلالة على النفوذ ونحوه ولذا كانت أبلغ من الذوق مع تأثر الحاسة فيه مع أن تأثر الحاسة هنا ضعيف جداً لا يقاوم الإصابة لكون الماس هبوب الريح فالضعف والقوّة فيه بالنظر للماس فتأمّل. قوله ة) من الذين ينذرون) ذكره للدلالة على شدة ارتباطه بما قبله. وقوله: توزن الخ، جواب عما يقال الأعمال أعراض لا توزن مع أنه جوّز أن تجسم وقت الوزن وإرصاد الحساب إظهاره واحضاره، والسوقي بمعنى التاتم وقوله: وافراد القسط جواب عن وصف الموازين به ولذا قيل إنه مفعول له حتى يستغني عن ذلك، وجزاء يوم القيامة بمعنى الجزاء الواقع فيه فاللام للتعليل أو بمعنى في ويصح جعلها للاختصاص كما في المثال المذكور. قوله: ( ﴿فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا﴾ من حقها أو من الظلم) الأوّل إشارة إلى أنه منصوب على أنه مفعول به والثاني إلى أنه منصوب على المصدرية وقد فسر الظلم هنا بالنقص من الثواب الموعود أو الزيادة في العذاب المعهود، وقيل عليه إنه إذا تعدى لمفعولين كان بمعنى المنع أو النقص ولا يمكن اعتبار واحد منهما في زيادة العذاب. ولا وجه له فإنه يصح تفسيره بما ذكروه ودلالته على عدم الزيادة بطريق إشارة النص واللزوم المتعارف ٠ وقيل إن هذا القائل جعل الظلم بمعناه المشهور وانتصاب شيئاً على الحذف والإيصال أي في شيء من حقه كما في قوله: صدقناهم الوعد فيصح اعتباره في زيادة العذاب بمعنى المنع أو النقص، وإلا فلا
تشمل الفكرة الواقعة في سياق النفي النفوس الفاجرة- وحبة خردل كناية عن غاية القلة- وقوله: وان كان العمل الخ بيان لأنّ الضمير راجع لشيئا بتفسيريه لكنه عبر عنه بالعمل لأنه المراد من توله حقها توضيحا فلا يقال إنّ الأولى أن يقول وان كان حقها وان شرطية جوابها أتينا ويجوز كونها وصلية وجملة أتينا مستأنفة قيل والمراد بالظلم في قوله: أو الظلم ظلم أنفسهم وغيرهم، وقد يحمل على ما يفعل به من النقص أو الزيادة ربط قوله أتينا بها عليه لا يخلو عن تعسف وفيه تأمّل. قوله: (أحضرناها (هذا معناه على القصر والباء للتعدية وتفسرها القراءة الآتية جئنا بها، وأمّا على قراءة المد فاختلف فيها فقيل هو من الأفعال وأصله أأتينا


الصفحة التالية
Icon