تاء الإقامة المعوّضة الخ) قال النحاة مصدر الأفعال والاستفعال من المعتل العين نحو أقام واستقام إقامة واستقامة. أصلهما أقوام واستقوام فأعل بقلب واوه ألفا بعد نقل حركتها لما قبلها وحذف أحد ألفيه لالتقاء الساكنين وهل المحذوف الأولى أو الثانية مذهبان وعوض عنها التاء ومدّهب الفراء جواز ترك التعويضى بشرط الإضافة ليكون المضاف إليه ساداً مسدها كما ذكره المصنف رحمه الله. ومذهب سيبويه الجواز مطلقا والسماع يشهد له لوروده بدون الإضافة والذي حسنه هنا مشاكلة قوله: إئتاء الزكاة. قوله: (وحدين مخلصين الخ) أمّا الإخلاص في العبادة فيفهم من تقديم معمولها عليها وأما التوحيد فلازم له لأنّ من لا يعبد غير الله موحد له أو على إدخال الإيمان في العبادة لأنها رأسها، ولوطا منصوب على الاشتغال وجوّز فيه نصبه باذكر مقدر أو جملة أتيناه جملة مستأنفة وفسر الحكم بالحكمة وهي ما يجب فعله كما في الكشاف، أو بالنبوّة لأنّ النبيّ ﷺ حاكم على أمته أو بمعناه المعروف. قوله: (ترية سدوم) هي قرية قوم لوط عليه الصلاة والسلام وقيل قراهم كانت سبعا فعبر عنها ببعضها لأنها أشهرها والمشهور عند أهل اللغة أنه بالدال المهملة وقد روي بالذال المعجمة وقيل: إنه اسمها قبل التعريب فعربت بإبدالها دالاً مهملة وذكر أهل الأخبار أنه اسم ملك سميت به القرية لقوله:
لأعظم فجرة من أبي رغال وأجور في الحكومة من سدوم...
قوله: (يعني اللواطة) عينها لأنها أشنع أفعالهم وبها استحقوا الإهلاك ولذا ذهب بعض
الفقهاء إلى رمي اللوطي منكساً من مكان عال وطرح الحجارة عليه كما فعلى بهم والجمع باعتبار تعدد المواد وقوله: وصفها أي القرية بصفة أهلها وهو عمل الخبائث لأنهم العاملون لا هي يشير إلى أنه نعت سببيّ. كرجل زنى غلامه ولو جعل الإسناد مجازيا بدون تقدير أو القرية مجازاً عن أهلها جاز أيضا، ولما قام المضاف وهو ضمير مقام الفاعل ارتفع واستتر وجعل قوله: أنهم الخ دليلاً على التقدير غير مسلم لأنه مشترك بين الوجوه فتأمل. قوله: (كالتعليل له) أي لقوله: تعمل الخبائث لا لقوله نجينا كما قيل وقوله في أهل رحمتنا فالإدخال بمعنى جعله في جملتهم وعدادهم فالظرفية مجازية وأما إذا أريد بالرحمة الجنة فالظرفية حقيقية لكن إطلاق الرحمة عليها مجاز كما في حديث الصحيحين <قال الله عز وجل: للجنة أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي >قوله: سبقت لهم منا الحسنى أي قدر لهم التوفيق للعمل الصالح، وقوله: ونوحاً أي اذكر قصة نوح عليه الصلاة والسلام واذ يتعلق بالمضاف المقدر أو بدل من نوج بدل اشتمال إن لم يقدر، ودعاء نوج بالطوفان وقوله لا تذر الخ وطلب خلاصه منهم فلذا قال فنجيناه. قوله: (مطاوعه انتصر) أي جعلناه منتصرا وفي نسخة مطاوع انتصر فهو بفتح الواو وكذا وقع في الكشاف تفسيره بما ذكر فقال الشراح يعني إنه عدى بمن كما عدى انتصر بها وفي الأساس نصره الله على عدوّه ومن عدوّه وانتصر منه وفي المطلع معناه منعناه وحميناه منهم بإغراقهم، وتخليصه يعنون أنه إذا تعدّى كمطاوعة بمن دل على وقوع النصر بجعله منتصراً منهم لعدم تخلف مطاوعه عنه لا على مجرّد الإعانة كما إذا تعدى بعلى فما قيل إنه إنما جعل مطاوعه لأنه تعالى أخبر أنه استجاب له دعاءه وكان من دعائه عليه الصلاة والسلام طلب الانتصار فناسب أن يكون المراد بالنصر هنا ما يطاوعه الانتصار، وقوله: جعلناه الخ فسره من لاقتضاء معنى المطاوعة ذلك لا لتوجيه تعديه بمن كما ظن فلا محصل له. وما ذكره القائلى مما اتفق عليه شراح الكشاف. قوله: (تكذيب الحق) هو معنى قوله كذبوا الخ والانهماك في الشر من قوله قوم سوء والحرث
الزرع وأما جعله بمعنى الكرم فلعله مجاز على التشبيه بالزرع وقوله رعته ليلاً تفسير للنفش والهمل رعي النهار وقوله: لحكم الحاكمين مثنى وكذا المتحاكمين أو جمع لقوله: غنم القوم وهذا توجيه لضمير الجمع في قوله لحكمهم وصاحب الحرث وان لم يسبق له ذكر لكنه مفهوم من ذكر الحرث فإن قلت كيف تجوز إضافة المصدر أي الحكم إلى الحاكم والمحكوم له والمحكوم عليه دفعة واضافة المصدر أما إلى الفاعل أو إلى المفعول، قلت قالوا: إنّ الإضافة اختصاصية بقطع النظر عن العاملية والمعمولية والمعنى الحكم الواقع بينهم أو الحكم هنا بمعنى القضية وليس مصدرا وإنما يرد السؤال إذا كان مصدراً قصد إضافته إلى معموله.


الصفحة التالية
Icon