عن مستقبل أنه متوقع له. وأما في الماضي فلأنه لو صح دلالتها على التوقع لدخولها على متوقع لصح أن يقال في لا رجل في الدار أنّ لا للاستفهام لأنها تدخل في جواب من قال هل من رجل فيها فما بعدها مستفهم عنه ولذا قال ابن مالك إنها تدخل على ماض متوقع ولم يقل إنها تفيده (قلت (أما الملازمة فغير صحيحة كما في شرحه إذ الفرق بين ما نحن فيه وبين ما أورده ظاهر. وما أنكره قد صرّح به الثقات من أهل النحو واللغة ولو لم يكونوا فهموه من كلام العرب لم يذكروه والعجب منه أنه سلمه في لما النافية مع أنّ ما ذكره جار فيها بالطريق الأولى ومحصله أنها تكون حرف جواب للمخاطب عما هو متوقع منتظر له في نفسه كبقية أحرف الجواب وهو مراد ابن مالك من عبارته المذكورة أيضا إذ لو لم يرده يكون لا معنى لها فيه ولم يقل أحد أنها من الزوائد فما ذكره مكابرة ومنع للنقل ومثله لا يسمع. قوله: (وتدل على ثباته (أي ثبات المتوقع في الماضي كما أنها إذا دخلت على المضارع دلت على ثبات أمر متوقع في المستقبل وليس المراد بالثبات
الدوام والاستمرار بل الثبوت فلا يرد عليه أنه لم يقل أحد من أهل العربية بدلالتها على الدوام فإنه من التزام ما لا يلزم فتأمّل. قوله: (ولذلك تقرّ به من الحال) أي من أجل دلالتها على ثبات أمر ماض متوقع قربت الماضي من الحال أي دلت على أنّ زمانه ليس ببعيد العهد بل هو قريب من هذا الزمان الذي نحن فيه لأنّ العلم بتوقعه إنما يكون فيما قرب العهد به لأنّ ما بعد ينسى ويترك غالبا وهذا بناء على أنّ التوقع والتقريب من الحال لا يفترقان وقيل إنه قد ينفك أحدهما عن الآخر وعلى القول بعدم الانفكاك اختلف في أيهما الأصل والآخر التبع على قولين وهل هو حقيقة إذا اقتصر على أحدهما أو مجاز احتمال. قوله: (ولما كان المؤمنون المتوقعين الخ) المتوقعين خبر كان وذلك إشارة إلى الفلاج والفوز بالأماني ولما كان الفلاح فلاح الدارين وهم وان فازوا بالهدى عاجلا لكن الفوز الحقيقي لا يثبت إلا في الآخرة فالأخبار به منه تعالى بشارة كما صرح به في شروح الكشاف قال المصنف صدرت بها بشارتهم فلا يقال إنّ المتوقع الفلاج لا البشارة به وحينئذ فقوله: قد أفلح مجاز لكنه محل تأمل. قوله: (بإلقاء حركة الهمزة الخ (فتحذف لالتقاء الساكنين الهمزة الساكنة بعد نقل حركتها والدال الساكنة بحسب الأصل لأنه لا يعتذ بحركتها العارضة كما قاله أبو البقاء وحذفها لفظاً لا خطا ولغة أكلوني البراغيث تجمع الضمير والفاعل الظاهر سميت بها لاشتهار تمثيلها بهذا المثال وتوجيهها مفصل في النحو والواو فيها حرف علامة للجمع وإذا كان على الإبهام والتفسير فهي ضمير والظاهر بدل منها. قوله: (وأفلح اجتزاء) بالجيم والزاي المعجمة أي اكتفاء بما يجزي في الدلالة على الواو وهي الضمة ولم يذكر ما في الكشاف من تشبيهه بقول الشاعر:
ولو أق الأطبا كان حولي وكان مع الأطباء الإساة...
بضم نون كان على أن أصله كانوا لأنه اعترض عليه بأنّ الوإو في أفلحوا هنا حذفت لالتقاء الساكنين على القياس وفي البيت ليس كذلك. وهو ضرورة عند بعض النحاة. والجواب عنه بأن التشبيه في مجرّد الحذف للاكتفاء بالضمة الدالة عليها لا في سبب الحذف يأباه سياقه ثم إنه معطوف على نائب فاعل قرئ ولا تغاير بين القراءتين لحذف الواو فيها لفظا لالتقاء الساكنين كما في قوله: سندع الزبانية اللهئم إلا أن يقال إنه أثبت الواو لفظا في القراءة الأولى ولذا قال المعرب إنه ذم في هذه القراءة فما قيل إنّ المراد بحذفها خطاً لا لفظاً لاشتراكهما فيه وأنه يكفي ظهور الفرق بينهما في حال الوقف سهو لأنّ من قرأ بها أثبتها في الرسم كما نقله المعرب عن ابن خالويه وأنه إذا وقف عليه ردّت الواو فيه لأنه لا يوقف على متحرّك فلا يحصل الفرق بينهما فتدبر. قوله: (وأفلح (أي قرئ به على أنه من أفلحه لأنه سمع متعديا على
أنّ همزته للتصيير ولازما. وقوله: المؤمنون الخ إشارة إلى سبب الفلاح. قوله: (خائفون من الله متذللون الأن الخشوع التذلل مع خوف وسكون للجوارح والمسجد بفتح الميم موضع السجود ومساجد جمعه ورمى البصر مجاز عن توجهه. وقوله: خشع قلب هذا في نسخة بدله خشي وقوله لما بهم من الجد بكسر


الصفحة التالية
Icon