كلامه عليه فإنه لا نص منه في ذلك ولذا قال وكأنها الخ نعم لك أن تقول إنها تأكيد وحينئذ لا يلزم ما ذكره وادّعاء عطف البيان والبدل فيما اتحد لفظه غير ظاهر وكلام المصنف والزمخشري محتمل لموافقة الشلوبين ثم إنه بقي ههنا أنّ شرط المنصوب على الاشتغال أن يكون مختصاً ليصح رفعه بالابتداء ولهذا اعترض ابن الشجري على أبي عليّ في قوله تعالى ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا﴾ إنه من باب زيدا ضربته كما في الباب الخامس من المغني وقال بعدما قرّره المشهور أنه عطف على ما قبله وابتدعوها صفته ولا بد من تقدير مضاف أي حب ورهبانية قال وإنما لم يحمل أو عليئ الأمر على ذلك لاعتزاله ولذا قال فإنّ ما يبتدعونه لا يخلقه الله تعالى وقد أجاب عنه حفيد ابن هشام بأن الظاهر ما قاله أبو عليّ لأنّ من المسائل التي يجوز فيها ألاشتغال ما يجب النصب فيه ولا يصح الرفع على الابتداء وحينئذ فليس جواز الأمرين شرطا في صحة الاشتغال ويقويه تجويزهم له في سورة أنزلناها فإنه لا يصح فيه كون سورة مبتدأ أنزلنا خبره بل إذا جعل مبتدأ فأنزلنا صفته والخبر محذوف وهو الظاهر وقال العلوي في شرح الجامع إنّ ابن الشجري وابن هاشم لم يشترطا صحة الرفع على الابتداء حتى يقال إنّ فيه ما لا يصح فيه ذلك بل كونه قابلاً للابتدائية بناء على أنّ الأصل فيه جواز الرفع والنصسب وهو لا ينافي تعين النصب لعارض وتجويز الاشتغال في سورة أنزلناها كتجويز أبي عليئ فإمّا أن يمنع أو يتأوّل كما ذكر في وأخرى تحبونها فتأمل.
قوله: (إتل) قيل الظاهر اتلوا بصيغة الجمع لأنّ الخطابات التي بعده كذلك وهو بناء على ما اشتهر أنه لا يخاطب في كلام واحد اثنان فأكثر بدون تثنية أو جمع أو عطف ولنا فيه كلام فصلناه في طراز المجالس وزبدته إنه لما قال الزمخشري في قوله تعالى: ﴿إِذْ تُصْعِدُونَ﴾ في آل عمران إذ منصوب بإضماراً ذكر أورد عليه القطب أنه مشكل إذ يصير المعنى اذكر يا محمد إذ تصعدون أيها المصعدون الذين تركوا الرسول ﷺ وفرّوا فالصواب اذكروا وأجاب بأنّ تقديره هذا على قراءة يصعدون بالتحتية وأجاب السعد بأنّ المراد جنس هذا الفعل فيقدّر اذكرو لا اذى أو هو من قبيل إذا طلقتم النساء وفيه أنّ نظم الآية وهو إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم الخ يأباه وما ذكروه من أصله غير وارد بل غير صحيح لأن ما قدروه من اذكر واتل ونحوه مما فيه معنى القول مصحح له بلا تأويل لأنه قول وما بعده مقول فالخطاب فيه محكيّ لتضمن عامله معنى القول أو تأويله به كما عرفت في مثله فيقصد لفظه حتى كأنه انسلخ عنه الخطاب أو تعدد قائله ومما يرشدك إلى ذلك نحو توله ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ *لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ﴾ فخطاب قل للرسول ﷺ من الله والخطاب بعده من الرسول ﷺ للكفرة فكأنهما خطابان أو كلامان أو المقصود الأوّل وهو كثير كقوله في هذه السورة قل أطيعوا الله وفي الكشف إشارة له وهذا تحقيق لا ريب فيه فعليك أن تعض عليه بالنواجذ. قوله: (أو دونك) ردّه في البحر بأنه لا يجوز حذف أداة الإغراء وقيل عليه إنه لا يسلم إلا بدليل ودليله أظهر من الشمس وهو ضعفه في العمل لأنه عمل بالحمل على الفعل لكن ابن مالك أجاز في قوله:
يا أيها المائح دلوي دونكا
أن يكون دلوي فعولاً لدونك آخر مضمرا وزعم أنه مذهب سيبويه وهو موافق لما هنا إن
لم يشترط فيه ذكر مثله بعده وذكر ابن هشام في الباب الخامس من المغني أنّ شرط الحذف أن لا يؤذي إلى اختصار المختصر فلا يحذف اسم الفعل وما نقل عن سيبويه رحمه الله من حذفه تفسير معنى لا تقدير إعراب ومراده تقدير حذف الزم ونحوه. قوله: (وفرضنا ما فيها من الأحكام) يحتمل أن يريد أن المفروض أحكامها وهي مشتملة على غير الأحكام فأسند إلى الكل ما هو لجزئه كبني تميم قتلوا فلانا والقاتل أحدهم أو المفروض مدلولها لا هي فأسند ما لأحدهما للأخر لملابسة بينهما تشبه الظرفية أو هو على تقدير مضاف كما سأل القرية وقيل إنه مجاز في المفرد بعلاقة الحلول وهو بعيد لأنه إن تجوّز في السورة فالتوصيف بأنزلنا لا يناسبه وان كان في ضميرها على الاستخدام فهو خلاف الظاهر وفيما ذكر براعة استهلال. قوله: (وشدّده ابن كثير الخ) يعني أن التضعيف للتكثير في الحدث كطوّقت أو في المفعول ولو بواسط كما هنا فإنه لتكثير المفروض عليهم والمبالغة بزيادة الكيفية بشدة