على الخير مخلوقات من عنصر الطهارة فهو ترق لا تكرار فيه كأنه قيل المبرّآت من الزنا بل اللاتي لم يخطر ذلك ببالهن قط كما عرفت. قوله: (استباحة لعرضهن الخ) هو مفعول له أو حال يعني إذا استحل القذف المحرم أو قصد الطعن في النبيّ ﷺ يكفر فيستحق اللعن والوعيد الشديد. وقوله وقيل الخ يعني أنه لغير معين وإنما المنهيّ عنه لعن الفاسق المعين كما صرّح به الفقهاء فهو على ظاهره ولا حاجة إلى تأويله بأبعدوا عن الذكر الحسن ففي الآية ثلاثة أوجه وفي الكشاف وجهان وقوله وقيل مخصوص أي سواء استباح أم لا. قوله: (ولذلك قال ابن عباص رضي الله عنهما الخ) الذي في الكشاف عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان بالبصرة يوم عرفة فسأل عن هذه الآية فقال من أذنب ذنبا ثم تاب منه قبلت توبته إلا من خاض في أمر عائشة رضي الله عنها وهو مبالغة وتعظيم لأمر الأفك والا فقد تاب مسطح كغيره وما تقدم مصرّح بقبول توبته وأمّا تقييده بالاستباحة فلا يصح فهو كما قيل في قوله والكافرون هم الظالمون أنه أريد التاركون للزكاة تغليظاً أو لأنّ تركها من صفات الكفار فعبر به تغليظاً عليهم حيث شبه فعلهم بالكفر أو جعلهم مشارفين عليه أو تعبير باللازم عن الملزوم لأن ترك الزكاة من صفات الكفار ولوازمهم فهو استعارة تبعية أو مجاز مشارفة أو مجاز لزوم وهذا جار في كل ما هو كذلك وقوله ولو فتشت الخ تأييد لكلام ابن عباس وضي الله عنهما والزمخشريّ أخره
عن قوله الحق المبين ولكل وجهة. قوله: (لما في لهم من معنى الاستقرار للعذاب لأنه موصوف) والعامل فيه إمّ الجار والمجرور أو متعلقه قيل وهو أجزل من أعمال المصدر فيه نظر وقوله لأنه موصوف إشارة إلى ما ذكره النحاة من أنّ المصدر إذا نعت لا يعمل مطلقا وأجازه السيرافي مطلقا استدلالاً بقوله:
أرواح مودع أم بكور أنت فانظر لأيّ ذاك تصير...
فأنت فاعل المصدر المنعوت عنده فلا حاجة إلى الجواب بأنه ظرف متوسع فيه لخروجه
عن المذهبين بغير نقل وأعجب منه ما قيل إنه غير مذكور في كتب العربية فكانه أراد بها شرح الكافية. قوله: (يعترفون بها الخ) سيأتي في سورة يس اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون وبين الآيتين تعارض! لأنّ الختم على الأفواه ينافي شهادة الألسنة وقد ذكر المصنف رحمه الله ثمة ما ذكره وأورد حديثا أشار فيه إلى التوفيق بينهما وهو أنهم يجحدون ويتخاصمون فيختم على أفواههم وتتكلم أيديهم وتشد. أرجلهم وسيأتي ما فيه فقوله يعترفون بالعين المهملة والفاء من الاعتراف وهو الإقرار وبها صلته والضمير للأعمال وهو تفسير لتشهد وفسر الشهادة بوجهين أشار في كل منهما إلى دفع التعارض أمّا على الأوّل فالمراد به حقيقته وهو الاعتراف والنطق بجميع الجوارح ناطقها وصامتها من غير اختيار إذ النطق هو التكلم بما يسمع ولو بغير الجارحة المعروفة كنطق الملائكة عليهم الصلاة والسلام فالختم على الأفواه معناه المنع عن التكلم بما يريده وينفعه بحسب زعمه اختيارا كالإنكار والاعتذار فتكون هذه الآية كقوله أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وأمّا على الثاني فالمراد به ظهورآثار ما عملوه على جميع الأعضاء بحيث يعلم من يشاهدهم ما عملوه وذلك بكيفية يعلمها الله فهو استعارة ولا جمع فيه بين الحقيقة والمجاز كما توهم حتى يتمشى على مذهب المجوز له ولا يرد على الثاني أنه معارض لقوله أنطقنا الله الآية لأنّ من فسر الشهادة بظهور الآثارة يفسر النطق به ويجعله كنطقت الحال واليه أشار المصنف ثمة أو يقول هذا في حال وذاك في حال أو كل منهما في حق قوم غير الآخرين كما جمع بهذا بين الآيتين فقد حصل دفع التعارض بوجوه أشار المصنف رحمه الله إليها في مواضحع متعدّدة وأمّا إنّ المذكور هناك شهادة السمع والأبصار والجلود والألسنة والأيدي والأرجل فلا يدفع المخالفة بل يريدها وأمّا ما قيل من أنّ عبارة المصنف ههنا يقترفون بالقاف من الاقتراف بمعنى الاكتساب كقوله في يس بما كانوا يكسبون فهو تفسير لقوله يعملون للإشارة إلى أنّ الشهادة والعمل مخصوص بالشرّ لتعدّي الشهادة بعلى واستعمال الاقتراف فيه كما ذكره الراغب وضمير بها للألسنة والباء للألة


الصفحة التالية
Icon