من أنّ مدخول لام العلة يكون مقصوداً بما قبله لا وجه له فتأمّل. قوله: (بلدة ميتاً) المراد به مطلق الأرض أو معناه المعروف. وقوله: بالنبات تفسير للأحياء به بالأنبات فقوله: بالنبات بدل من قوله به أو متعلق بنحعص على أنّ الباء الأولى آلية أو سببية وهذه للملابسة أو على حدّ أكلت من بستانك من العنب وجعله تفسيراً على الاستخدام في ضمير به تعسف وقوله غير جار على فعله يعني أنه من أمثلة المبالغة التي لا تشبه المضارع في الحركات والسكنات حتى يعمل عمله في غير شذوذ كما ذكره النحاة ويزيد بدلالته على الثبوت فلذا أجريت مجرى الجوامد في عدم عملها والحيا بالقصر المطر. ولذلك نكر يعني أن تنكيره للتنويع فالمراد نوع من الإناسي والأنعام وهم سكان البوادي وكذا تنكير بلدة ومن تبعيضية أو بيانية وكثيرا صفة لهما لا على البدل والأنهار إن كانت من الأمطار فالمراد ما كان بلا عود منها وبهم وبما حولهم الجار والمجرور وما عطف عليه خير مقدم وغنية بمعنى استغناء مبتدأ مؤخر والسقيا بالضم بمعنى السقي وسائر الحيوانات يعني به ما عدا الأنعام وهو وجه لتخصيصها مع احتياج غيرها للسقي.
وقوله: مع أنّ الخ وجه آخر لشخصيصها بالذكر والقنية بكسر القاف وضمها ما يقتنيه لنفسه وعليته بعين مهملة ولام ساكنة جمع على كصبية وصبي والعلي الشريف لكنهم يقولون في الاستعمال عليه الناس بمعنى أكثرهم وهو المراد كما في شرح الكشاف. قوله: (وسقي وأسقي) بمعنى أي أوصله إلى ما يشربه وجعل السقيا له بمعنى تهيئتها واعدادها ويقال سقي وأسقي وسقى بمعنى واحد وقد فرق بينها وهي متقاربة وقوله وأناسي أي قرئ أناسي بحذف ياء أفاعيل فيكون بياء خفيفة ساكنة كما جمع أنعام على أناعم وظربان بكسر الظاء وسكون الراء المهملة وباء موحدة دويبة منتنة الريح ويجمع على ظرابيّ بتشديد الياء وأصله ظرابين فأبدلت نونه ياء وأدغمت وكون إناسي جمع إنسان وأصله أناسين مذهب سيبويه وكونه جمع إنسيئ مذهب الفراء والمبرد والزجاج وأورد عليه في الدر المصون إنّ فعالي إنما يكون جمعاً لما فيه ياء مشددة إذا لم يكن للنسب ككرسي وكراسي وما فيه ياء النسب يجمع على أفاعلة كازرقي وأزارقة وكون يا إنسي ليست للنسب بعيد فحقه أن يجمع على أناسية وقال: في التسهيل أنه أكثريّ فلا يرد ما ذكر. قوله: (صرّفنا هذا القول) المفهوم من السياق وهو ذكر إنشاء السحاب وانزال القطر وتصريفه وتكريره وذكره على وجوه ولغات مختلفة أو المطر فالضمير له لفهمه من قوله: ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء﴾ وتصريفه تحويل أحواله وأوقاته وانزاله على أنحاء مختلفة. وقوله: لم ما عام الخ ما نافية وأمطر أفعل تفضيل بمعنى أكثر مطراً يعني ليس تفاوت السنين فيه إلا لحكمة إلهية وهذا الحديث رواه الحاكم والطبراني. وقوله: أو في الأنهار والمنابع معطوف على قوله في البلدان فمعنى تصريفه تقسيمه عليها. وقوله: أو ليعتبروا وقع في نسخة بالواو. قوله: (إلا كفران النعمة) فالكفور بمعنى كفران النعمة بعدم الاكتراث والمبالاة بها أو الجحود والإنكار لها رأساً بماضافتها لغير. بأن يقولوا مطرنا بنوء كذا والنوء كما في أدب الكاتب سقوط النجم في المغرب مع الفجر وطلوع آخر يقابله من ساعته في المشرق من ناء نهض لأنّ الطالع ينهض وبعضهم يجعل النوء السقوط فهو من الأضداد وكانوا إذا سقط نجم وطلع آخر فكان عنده مطر أو ريح أو برد أو حر نسبوه إلى الساقط إلى أن يسقط الذي بعده فإن سقط ولم يكن مطر قيل
خوي وأخوى انتهى. ثم إنه أشار إلى ما في الكشاف من أنه إن اعتقد أنّ النجوم فاعلة ومؤثره استقلالاً فهو كافر وان اعتقد أنها أسباب يسببها الله تعالى بفعله وخلقه أو أمارات نصبها لا يكفر وكذا سائر أحكام النجوم وظاهره أنه لا يأثم أيضا وقد صرّح الإمام بأنه خطأ. قوله: (نبياً ينذر أهلها الخ) ما ذكره المصنف أحسن من قول بعضهم يعني أنّ المقصود من البعثة إبلاغ الدعوة وإلزام الحجة لا الاهتمام في أمر الهداية والا لفعلنا ما هو أدعى لذلك من دعوة كل أهل قرية بنذير مستقل وقد كفينا بتركه مؤنته واعباء النبوّة أثقالها استعارة وتعظيمه وإجلاله بعدم نبيّ في عصره ظاهر وأورد على قوله: وتفضيلاً لك على سائر الرسل أنه لا يلزم من تخصيصه بالرسالة في زمانه تفضيله على سائر الرسل إلا إذا ثبت أنّ كل رسول معه نبيّ. كذلك


الصفحة التالية
Icon