والبخاع بكسر الباء بالمعنى المذكور مما تفرّد الزمخشريّ بإثباته وتبعه المطرزيّ لكن ابن الأثير في النهاية قال: إنه لم يوجد في شيء من كتب اللغة، واستعمال العرب، وقد مرّ تفصيله وأنّ المثبت مقدّم على النافي خصوصا مثل هذا المثبت، وقوله: مستبطن القفا غير غبارة الكشاف، وهي قوله: مستبطن الفقار جمع فقارة وهي عظام الظهر لما قيل إنه تحريف لأنّ أقصى حدّ الذابح في القفا، وفيه نظر. قوله: (أي أشفق على نفسك الخ الما كان الترجي غير صحيح ولا مرادا جعلها للإشفاق، والإشفاق بمعنى الخوف أيضاً غير متصوّر منه تعالى فجعله من المخاطب، ولما كان غير واقع أوّله بالأمر به لدلالة الإنكار المستفاد من سوق الكلام عليه أو المعنى أنك تفعل ذلك أي التحسر والتهالك فلا تفعل، قيل: ولو فسر البخع بشدّة الحرص كما يقال هو يقتل نفسه على كذا جاز الخبر، وعدم الحمل على الإشفاق، وفيه ما فيه. قوله: (لئلا يؤمنوا الخ) في الكشاف لثلا يؤمنوا ولامتناع إيمانهم أو خيفة أن لا يؤمنوا فزأد قوله ولامتناع الخ إشارة إلى أنّ السكون بمعنى الصحة فهو عطف تفسيريّ، وعلى الثاني هو بمعناه لكن لما لم يصح كون عدم الكون في المستقبل علة للبخع لكونه غير معلوم قدر خيفة لا لأنه ليس فعلألفاعل الفعل المعلل فإنه وهم فإنّ فيه مصححاً آخر لحذفها، وهو أن المصدرية لاطراد الحذف مطلقاً معها كما حققه بعض شرّاج الكشاف ففي كلام المصنف رحمه الله قصور، وتوجيهه بأنّ المراد لاستمرارهم على عدم قبول ا! يمان لأنّ كلمة كان للاستمرار فأريد به استمرار النفي لا المنفيّ فليس فيه غفلة عن فائدة ذكر الثون كما توهم ليس بشيء لأنه ليس في كلامه ما يدلّ على إرادة الاستمرار صراحة، ودلالة فلا بتمّ بعناية القاضي، وكأنه أراد انّ كان هنا أتى بها لأجل الفاصلة، والأولى ما مرّ فتأمّل. قوله: (١ ن نثأ الآية) قيل إنه استئناف لتعليل ما يفهم من الكلام من النهي عن التحسر المذكور ببيان أن إيمانهم ليس مما تعلقت به مشيئته تعالى حتماً فلا وجه للطمع فيه، والتألم من فواته، ويرد عليه أنه يقتضي أن عدم تعلق مشيئته بإيمانهم يكون عذراً لهم في ترك الإيمان كما سيورده هو فيما سيأتي، وليس كذلك فالأولى أن يقال إيه تسلية له صلى الله عليه وسلم، والمراد منه تعليل الأمر بإشفاقه على نفسه ومفعول المشيئة ما يدل عليه الجزاء أو إيمانهم بقرينة ما قبله، ويؤيده أنّ السورة في تعظيم شأنه ﷺ فهو براعة استهلال. قوله: (دالة ملجئة إلى الإيمان الخ) وفي نسخة دلالة ملجئة بماسناد الإلجاء للدلالة مجازاً، وقيد الأية بالملجئة لأنّ غيرها مما تحقق نزوله قبله ومعه، والإلجاء لأنه سنة الله عند ظهور أمثالها، وقولنا سنة أحسن من قول بعضهم عادة لأنّ العادة لا تطلق عليه تعالى كما في
الانتصاف لكن الزمخشريّ، وغيره يستعملها والوارد في الآثار ما ذكرناه سابقاً. قوله: (أو بلية قاسرة عليه) أي على الإيمان بالجبر عليه، وليس ذلك في الوجه الأوّل، والتخصيص لما مرّ لا لأنّ عليهم يدل عليه لأن الاستعمال تعديته بعلى فلا دلالة على ما ذكر كما قيل. قوله: (منقادين) يعني أنّ الخضوع هنا مجاز أو كناية عن الانقياد والإذعان، ولما كان خاضعين لجمع من يعقل والإعناق ليست كذلك جعلها مقحمة والأولى أن يقال إنها أكتسبت التذكير، وصفات العقلاء من المضاف إليه، ولما كان الخضوع وضدّه يظهر في الرأس والعنق جعله محله لأنه يتراءى قبل التأمّل أنه هو الخاضع دون صاحبه، وقوله على أصله أي قبل الإقحام. قوله: (وقيل لما الخ) معطوف على قوله: وأصله الخ لا على قوله وترك الخبر لفساده معنى كما لا يخفى، وقوله بصفات العقلاء جمعها وهي صفة واحدة أعني الخضوع لتعددها باعتبار تعدّد من قامت به هنا أو لأنه أريد الجنس كما في قولهم فلان يلبس الثياب، ولها صلة ظلت أو خاضعين، ولم يلتفت لتقدير أصحاب أعناقهم لأنه ركيك مع الإضافة لضميرهم، ولا لجعل خاضعين حالاً من المضاف إليه لذلك. قوله: (وقيل المراد بها الرؤساء) أي مجازاً كما يقال لهم صدور ورؤس فيثبت الحكم لغيرهم بالطريق الأولى أو الجماعات وفي نسخة الجماعة أي مطلقاً رؤساء أم لا فالمعنى ظلت جماعاتهم أي جملتهم لأنهم جماعة من الناس فلا إشكال فيه، وعلى قراءة خاضعين الإسناد مجازيّ. قوله: (فظلت الخ) هو تفريع على جميع ما تقدم لا على الأخير وهذا من العطف على المعنى كما عطف فأصدق المنصوب على أكن المجزوم