والصوفية واللفظ يحتمله فتأمّله. قوله تعالى: ( ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ﴾ ) التفات إلى الخطاب لا يخفى موقع ذكره بعد نفخ الروح وتشريفه بخلقة العقل حتى صلح للخطاب، وقدم السمع لكثرة فوائده وأفرد لأنه في الأصل مصدر، وقوله خصوصا من لام الاختصاص والتقديم والاختصاص بالمجموع، والظاهر أنّ جملة قليلا الخ حالية، وقوله شكرا قليلا إشارة إلى أنه صفة مصدر مقدّر. قوله:) أي صرنا تراباً الخ) فهو من ضل المتاع وأضله إذا ضاع كأنه لاضمحلاله وامتزاجه بالتراب شيء ضائع، وقوله أو غبنا أي بالدفن فيها وان لم نفن ونضمحل كما في قول النابغة:
وآب مضلوه بعين جلية
أي دافنوه وهذا معنى آخر فلا وجه لما قيل الظاهر عطفه بالواو كما في القاموس، وقوله وقرئ ضللنا الخ هي قراءة عليّ وابن عباس رضمي الله محنهم لأنه يقال ضل يضل كضرب يضرب، وعلم يعلم وهما بمعنى وأمّا صل بالمهملة فمعناه تغير وأنتن من الصلة، وهي الدبر ويقال للأرض الصلة لأنها لست الدنيا، وتقول العرب ضمع الصلة على الصلة وصللنا روي في الإهمال بفتح اللام وكسرها وهي قراءة الحسن، وقوله على الخبر أي بترك الأستفهام، وقوله
والعامل فيه الخ لأنه لا يصح تقديم معموله عليه مع الاسنفهام المستحق للصدارة، وكذا أنّ لا يعمل ما بعدها فيما قبلها أيضاً وقوله، وإسناده الخ تقدّم ما قيه واعتراض بعضهم بأنه لا يشترط الرضا بل يكفي وقوعه فيما قبلها أيضاً وقوله، وإسناده الخ تقدّم ما فيه واعتراض بعضهم بأنه لا يشترط الرضا بل يكفي وقوعه فيما بينهم وتناقض كلامهم فيه، والجواب عنه والتوفيق فتذكره وقولهم هذا تهكم واستهزاء واذا يحتمل الظرفية المحضة والشرطية والجواب على الثاني محذوف وأبيّ بن خلف من المشركين مشهور. قوله: (بالبعث) فلقاء الله كناية عن البعث أو هو بتقدير مضاف أي بلقاء ملائكة ربهم، وهم ملائكة الموت والعذاب والإضراب على الأول للترقي من التردّد فيه واستبعاده إلى الجزم بجحده، وكون لاستفهام إنكاريا يؤول إلى الجحد لا يضرّه كما توهم، وقيل الظاهر ما في بعض النسخ من عطف وتلقى بالواو ليظهر الإعراب لأنه إنكار جميع ما بعد الموت، وهو أبلغ من إنكاره فقط. قوله تعالى: ( ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ﴾ الخ) وجه مناسبته لما قبله على الثاني ظاهرة لأنهم لما جحدوا بلقاء ملائكة الموت وما بعده قيل لهم إنكم سترون ملك الموت، وما بعده من الحساب والعقاب، وأمّا على الأوّل فلأنهم لما أنكروا البعث والمعاد ردّ عليهم بما ذكر لتضمن قوله: ﴿إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ [سورة السجدة، الآية: ١١، البعث مع زيادة ذكر الموت، وكونه موكلاَ بهم لتوقف البعث عليه ولتهديدهم وتخويفهم وللإشارة إلى أنّ القادر على الإماتة قادر على الإحياء فلا حاجة إلى تكلف ادّعاء أنّ كلامهم يشعر بأنّ الموت بمقتضى الطبيعة حيث أسندوه إلى أنفسهم فليس عندهم بفعل الله، ومباشرة ملائكته وأبعد منه ما قيل في مناسبته إنّ عزرائيل، وهو عبد من عبيده إذا قدر على تخليص الروح من البدن مع سريانها فيه سريان ماء الورد في الورد، واللهب في الجمر فكيف لا يقدر خالق القوى والقدر على تمييز أجزائهم المختلطة بالتراب، وكيف يستبعد البعث مع القدرة الكاملة له تعالى فإنّ ذلك السريان ربما خفي على العقلاء فكيف بجهلة المشركين وفي وكل إشارة إلى أنّ المتوفى حقيقة هو الله كما في قوله تعالى: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ﴾ [سورة الزمر، الآية: ٤٢، أو هو بمعنى سلط. قوله: (يستوفي نفوسكم لا يترك منها شيئا) من أجزائها لا من جزئياتها لئلا يتحد بما بعده، وهذا من معنى التوفي لأنه بمعنى أخذ الشيء بتمامه كما في شرح المفتاح، وقوله أو لا يبقى منكم أحداً الخ هو من السياق، وقوله والتفعل الخ توجيه لتفسيره به بأنهما متلازمان فإنه مطاوعه وهو لا ينفك عنه أبداً أو أغلبيا،
وقوله إحصاء آجالكم ليس الإحصاء فيه بمعنى العد بل المراد معرفة انتهائها وتمامها. قوله تعالى: ( ﴿وَلَوْ تَرَىَ﴾ ) الخطاب للنبيّ ﷺ أو لغير معين، وقوله قائلين إشارة إلى أنه حال بتقدير القول، وهو أولى من تقدير الزمخشريّ يستغيثون بقولهما لخ، وعامل الحال ترى أو ناكسو، وقوله أبصرنا ما وعدتنا إشارة إلى مفعوله المقدر وقدره الزمخشريّ صدق وعدك ووعيدك قصداً للمبالغة. قوله تعالى: ( ﴿إِنَّا مُوقِنُونَ﴾ ) استئناف لتعليل ما قبله كقوله: ﴿إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ﴾ [سورة هود، الآية: ٣٧] بعد قوله: ﴿وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ [سورة هود، الآية: ٣٧] ولذا أكد بأنّ والاسمية، وقوله إذ لم يبق لنا شك إشارة إلى أنّ الإيقان اليقين الدافع للشك والشبه كما مرّ تحقيقه في أوّل سورة البقرة، وقيل إنه إشارة إلى أنه استئناف لم يقصد به التعليل وفيه نظر. قوله: (وجواب لو محذوف تقديره الخ) ظاهره


الصفحة التالية
Icon