لسان نبي ونحوه كما مرّ. قوله: (متى شثتم من ليل أو نهار) بيان لفائدة ذكر الليالي والأيام والسير لا يخلو عنهما بأنه لاستمرارا منها بحيث لا تختلف أوقاته، أو المراد الأمن وإن طالت مدته فهو للتكثير أو هو كناية عن مدة أعمارهم وتقديم الليالي لسبقها، وفي الأوّلين لأنها مظنة الخوف أيضا ودلالته على ما ذكر بطريق الكناية وقد يجعل في بعضها مجازا. قوله: (أشروا النعمة) أي سئموا وبطروا كما يشتهي من أكثر من شيء ضده كبني إسرائيل إذ طلبوا الثوم والبصل بدلاً من المن والسلوى فطلبوا تبديل اتصال العمار بالمفاوز والقفار ليظهروا بقدرتهم الفخر، والكبر على الفقراء العاجزين، وقوله ملوا العافية في بعض النسخ قلوا بمعنى استقلوا والظاهر أنه تحريف. قوله: (وترا الخ) قراءة هشام بعد بتشديد العين وأنه فعل أمر والباقون باعد طلبا من المفاعلة وفاعل بمعنى فعل فعلى الأمر طلبوا البعد لبطرهم، وعلى الخبر فهو إمّا شكوى من مسافة ما بين قراهم مع قصرها لتجاوزهم في الترفه والتنعم، أو شكوى من بعد الأسفار التي طلبوها أوّلاً بعد وقوعها فيتقارب المعنى على القراءتين كما قاله أبو حيان: أو دعاء بلفظ الخبر ونصب بين بعد كل فعل متعدّ في إحدى هذه القراآت ماضياً كان أو أمراً عند أبي حيان على أنه مفعول به لا ظرف، ويؤيده أنه قرى برفعه وضم نونه أو على الظرفية والفعل منزل منزلة اللازم أو متعد مفعوله محذوف تقدير بعد السير بين أسفارنا وهو أسهل من إخراج الظرف الغير المتصرّف عن ظرفيته وفي قراءة سفرنا بالإفراد وهي شاذة. قوله: (وإسناذ الفعل إلى بين) برفعه لفظا أو محلاً على أنّ حركته بنائية كما ذهب إليه الأخفش وهما قراءتان ويجوز إضمار الفاعل على أنه ضمير المصدر أو السير ونصب بين على الظرفية كما مرّ تحقيقه في قوله: ﴿تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ﴾ [سورة
الأنعام، الآية: ٩٤] وقوله حيث بطروا النعمة والبطر طغيان من كثرة النعم وهذا على قراءة الأمر وارادة معنى الطلب، وقوله أو لم يعتدوا بها بالعطف بأو كما في أكثر النسخ على وجوه الخبرية والقراآت الأخيرة، وكذا على العطف بالواو على ما في بعضها، وقيل هذه النسخة أولى لأن كلا من البطر وعدم الاعتداد حاصل على كل من الوجوه أو ظلمهم أنفسهم لتقلبهم وعدم رضاهم بحاله فتأمّل. قوله: (يتحدّث الناس بهم تعجباً) إشارة إلى أنّ الأحاديث جمع أحدوثة وهي ما يتحدث به على سبيل التلهي والاستغراب لا جمع حديث على خلاف القياس كما مرّ تفصيله وأن جعلهم نفس الأحاديث إمّا على المبالغة أو تقدير المضاف لأنهم متحدّث بهم، وقوله تفرقوا أيدي سبأ أي مثل أيدي سبأ فحذف المضاف وإنما قدر فيه مع اقتضاء المعنى لأنه معرفة بالإضافة وقد وقع حالاً فجعل الحال في الحقيقة منل المقدّر لأنه لا يتعرّف بالإضافة والمعنى متفرّقين تفرّق أيدي سبأ وسبا مهموز في الأصل لكنه ورد في هذا المثل بألف لينة فلا يغير وروى أيادي سبأ والأيدي هنا بمعنى الأولاد لأنه يعتضد بهم، وقيل إنه بمعنى البلاد أو الطلاق من قولهم خذيد البحر أي طريقه وجانبه أي تفرقوا في طرق شتى والظاهر أنه على هذا منصوب على الظرفية بدون تقدير فيه كما أشار إليه الفاضل اليمني وفي المفصل الأيدي إلا نفس كناية أو مجازاً قال في الكشف وهو أحسن فتأمّل. قوله: (ففرقناهم الخ) قيل أشار بالفاء إلى أنّ الجملة جارية مجرى التفسير للتي قبلها والأولى ما في بعض النسخ فرقناهم بلا فاء تفسيراً لمزقناهم كما قيل والأحسن جعل الفاء مفسرة لما في النظم لتغاير الجملتين فيه كما لا يخفى، وقوله غاية التفريق إشارة إلى أنّ ممزق مصدر ميمي كما مر وكل هنا للمبالغة كما في هو الرجل كل الرجل. قوله: (والأزد بعمان) بضم العين وتخفيف الميم قال الجوهري: عمان مخفف بلد وأما الذي بالشام فهو عمان بالفتح والتشديد وهو غير مراد هنا لتقدم ذكر الشام، وقوله عن المعاصي أخذه من مقابلة شكور فلا وجه لما قيل الأنسب صبار على النعم بأن لا يبطروا إلى دفعه بإدخال البطر في المعاصي. قوله: (أي صدق في ظته) يعني أنه على قراءة التخفيف ورفع إبليس ونصب ظنه منصوب على الظرفية بنزع الخافض، وأصله في ظنه أي وجد ظنه مصيباً في الواقع فصدق حينثذ بمعنى أصاب مجازاً ولا حاجة إلى جعل الظن نوعا من القول، وقوله أو صدق بظن ظنه فظنه منصوب على أنه مصدر لفعل مقدر كفعلته جهدك أي وأنت تجهد جهدك فالمصدر وعامله في موقع الحال وصدق مفسر بما مرّ. قوله: (ويجورّ الخ (فينتصب ظنه على أنه مفعول به لأنّ الصدق


الصفحة التالية
Icon