الاستفهام بالفعل أولى كما حسن مخالفته كالدخول على الجملة الاسمية بلا فارق بينهما فضعيف جداً لكنه ليس بسهو في فهم كلام المعترض كما توهم، وأمّا تفسير كلامه هنا بأنّ المراد أنّ خالق مبتدأ خبره مقدّر أي وقوله يرزقكم مستأنف في جواب سؤال مقدر أيّ خالق يسأل عنه على أنه استئناف بيانيّ، وما بعده استئناف نحويّ فليس بمراده كما صرّح به في الكشاف مع أنه لو حمل عليه جاز وعلى الأوّل فضمير له ليرزقكم المقدر فهو اسنخدام. قوله: (وعلى الأخير) إذا كان يرزقكم كلاما مستأنفاً ولم يكن صفة، ولا مضمراً على شريطة التفسير والمعنى على النفي فيقتضي حينئذ عدم جواز إطلاق لفظ الخالق على غير الله إذ معناه لا خالق غير الله بخلافه على الوجوه الأخر، فإنّ معناه لا خالق يرزق غير الله فالمختص مجموع الخالقية والرازقية أو الرازقية فيكون غيره خالقاً كما قاله المعتزلة من أنّ العبد خالق لأفعاله فجوّزوا لطلاقه على غيره. قوله: (أي فتأص بهم الخ) دفع لما يتوهم من أنّ الجواب مسبب عن الثرط وهذا أمر قد كان قبله بأنّ المراد التأسي بهم كما قيل:
قصوا عليّ حديث من قتل الهوى إنّ التأسي روح كل حزين
فالأصل فاصبر وتأص بمن قبلك فقد كذبوا وصبروا فحذف الجواب، وأقيم هذا مقامه
وإن كان هذا هو الجواب بحسب العربية والمسبب في الحقيقة التأسي لكن لما كان المراد الحث عليه قدر بالأمر فلا يتوهم أنّ المستغني عنه الأمر بالتأسي كما أشار إليه المصنف ويجوز أن يجعل الجواب من غير تقدير، ريكون المترتب عليه الإعلام والإخبار كما في وما بكم من نعمة فمن الله، وقوله وتنكير الخ وللتكثير أيضاً. قوله: (فيجازيك) تفسير للمراد من ذكر
الرجوع أو بيان لما يترتب عليه، وقوله لا خلف فيه بيان لأنه المراد فليست حقيته بمعنى وقوعه وقوله فيذهلكم فالغرور مجاز عنه والنهي على نمط لا أرينك ههنا، وقوله الشيطان فتعريفه للعهد ويجوز التعميم، وقوله فإنها وإن أمكنت بيان لما في الكشاف مما يخالفه بناء على الاعتزال وقطع الأمانيّ الفارغة بالكلية مما في حال الكفر فإنه اللازم من الآية فلا يتوهم مخالفته لأهل الحق، وقوله وهو مصدر لغرّه وان قل في المتعدى وقعود مثال لهما لأنه مصدر وجمع قاعد أيضاً وعلى المصدرية الإسناد مجازيّ. قوله: (عداوة عامّة) من قوله لكم وقديمة من الاسمية أو هو بيان للواقع إشارة لقصة آدم وقوله في عقائدكم أي كونوا معتقدين لعداوته عن صميم قلب، وإذا فعلتم فعلاً فأفطنوا له فيه فإنه يدخل عليكم فيه الرياء ويزين لكم القبائح، وقوله وبيان لغرضه إشارة إلى أنّ اللام ليست للعاقبة. قوله: (وقطع للأمانئ الفارغة) هذا كلام حق وان كان ذا وجهين فإنّ من الأمانيئ الفارغة بل التي بعد فراغها كسرت أكوابها أمانيّ الكفرة فإنهم قالوا إنّ الله أكرمنا في الدنيا فلا يعذبنا في الآخرة كما مرّ، وهو لم يقل أمانيّ عصاة المسلمين حتى يكون مخالفا لمذهب أهل الحق كما توهم وكيف يحمل عليه وقد نص على مراده بقوله قبيله وان أمكنت نعم هي كلمة حق أريد بها باطل في كلام الزمخشري فلا تغفل. قوله: (وبناء للأمر كله على الإيمان الخ) الظاهر أنّ مراده أمر الآخرة كله من الثواب والعقاب، والعفو فإنّ ما فيها جميعه لا يخلو عن ذلك ومداره كله على الإيمان والعمل الصالح وعدمهما فإنه لا عقاب إلا بكفر أو معصية ولا عفو ولا ثواب إلا بإيمان أو عمل صالح، وهذا مما لا شبهة فيه وكونه في الجميع على القطع من غير احتمال تخلف أصلاً مسكوت عنه ومعلوم من نصوص أخر فميس هذا مبنياً على الاعتزال كما قيل، ولا دخل للام الاختصاص هنا بناء على أنّ المراد بالأمر الأمر النافع وكأنه جعل العذاب الشديد والأجر الكبير توصيفهما ليس للاحتراز بل لأنّ عذاب الآخرة كله شديد بالنسبة لما في الدنيا، وكذا أجرها كله عظيم فالوصف للتوضيح لا للتقييد فلا يقال إنه تبع الزمخشري إما غفلة واما بناء على أنه المناسب للوعيد هنا فكلامه لا يخلو من كدر ولو تركه كان أحسن. قوله تعالى: ( ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ﴾ ) أي
حسن له عمله السيء فهو من إضافة الصفة للموصوف، وقوله تقرير له أي لما قبله من قوله الذين الخ وقوله بأن الخ بيان لتزيينه له، وقوله على ما هي عليه أي في نفس الأمر لا بمجرّد الوهم والتخيل. قوله: (فحذف الجواب الخ) قال السكاكي في باب الإيجاز


الصفحة التالية
Icon