قوله تعالى أفمن زين له الخ تتمته ذهبت نفسك عليهم فحذف لدلالة فلا تذهب نفسك عليهم الخ، أو تتمته كمن هداه الله فحذف لدلالة فإن الله يضل الخ انتهى فقال السعد في شرحه المحذوف على التقدير الثاني خبر وعلى الأوّل يحتمك الجزاء فأطلق لفظ التتمة ليشملهما انتهى فقيل إنه سد باب الجزائية على التقدير الثاني لقول ابن هشام إنّ الظرف لا يكون جوابا للشرط ووجهه أنّ الرضى صرّح بأنه لا يكون مستقراً في غير الخبر والصفة والصلة والحال ولم يذكر الجزاء، فلا يرد ما يتوهم من أنه إذا قدر متعلقه فعلا لم لا يكون جزاء وان لم يقرن بالفاء فإنه الأصل فيه فيندفع قول الثريف في حواشيه لا يجوز أن تكون من شرطية على هذا التقدير لانتفاء الفاء في الجزاء يعني أنّ تقدير الفاء داخلة على مبتدأ يكون الجار والمجرور خبره والجملة بتمامها جزاء غر جائز لما فيه من التكلف، وليس هذا كحذف الجواب مع الفاء كما توهم إلا أن ابن مالك في شرح الألفية في باب الشرط جعل من في هذه الآية شرطية على التقديرين وهو ظاهر قول الزجاج هنا الجواب على ضربين أحدهما ما يدل عليه فلا تذهب نفسك الخ ويكون المعنى أفمن زين له سوء عمله فأضله الله ذهبت نفسك عليهم حسرة ويكون فلا تذهب الخ يدد عليه، ويجوز أن يكون الجواب محذوفاً فيكون المعنى أفمن زين له سوء عمله كمن هداه الله ويكون دليله فإن الله يضل الخ، انتهى وهو ظاهر كلام المصنف رحمه الله أيضاً إذ لا يظهر للعدول عن التعبير بالخبر إلى الجواب وجه فمن يحتمل أن تكون موصولة وشرطية في الآية، وما قيل من أنّ الموصولية فيها متعينة واطلاق الخبر على الجواب تسامح ليس بمسلم وان أيده بعضهم بأنه وقع في بعض النسخ الخبر بدل الجواب، وفيه كلام يطول شرحه في الباب الخامس من المغني وشروحه فليحرّر، وقوله عليه أي على الجواب. قوله: (وقيل تقديره) ضعفه لما فيه من الفصل بينه وبين دليل الجواب بقوله فإنّ الله ولا يظهر تقريره لما قبله وتفريعه عليه ولا تفريع قوله فإنّ الله الخ إلا بتقدير لا جدوى، ولا فائدة في ذلك وكله تكلف والهمزة للإنكار، وقوله فحذف الجواب يعلم حاله مما مرّ إذ الظاهر منه أنها شرطية لا موصولة على أن يريد بالجواب هنا الخبر تسمحا لكنه هنا أبعد إذ لا مانع من حمله على ظاهره ولم يجوزوا كون فرآه جوابا لركاكته صناعة، ومعنى لأنّ الماضي لا يقترن بالفاء بدون قد ولأنه لا معنى لإنكار كونهم رأوه حسناً إلا بتكلف، قيل ولم يلتفت لما في الكشاف من تقدير كمن لم يزين له وأنّ النبيّ-لمجت قال في جوابه: " لا " فرتب عليه قوله تعالى له: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ﴾ الخ لبعده وفيه نظر وقد حمل بعضهم الجواب في كلامهم على معناه اللغوي دون النحوي وهو جواب الاستفهام كلا ونعم على أنّ الاستفهام على ظاهره، وليس المراد به الإنكار وإنما استدعى الجواب ليرتب عليه ما يترتب فيكون على تقديره أفمن زين له كمن لم يزين له لا فإنّ الله يضل الخ وعلى تقدير أفمن زين له
سوء عمله ذهبت نفسك عليه حسرة نعم يحرض على هداية الناس، ويكون ترتب قوله فانّ الله الخ لأن الهداية بيد الفياض فلذا رجوتها لهم، وهو كلا حسن وإن كان لم يفصح عنه وكلام المصنف رحمه الله في حديث السببية ينبو عنه فتدبر. قوله: (ومعناه الخ) يعني أنّ هلاك نفسه بالحسرة عبارة عن التهالك فيها وشدتها كما يقال هلك عليه حبا ومات عليه حزنا وذهب بمعنى هلك. قوله: (والفاآت الثلاث الخ) الفاآت في النظم أربعة والمصنف رحمه الله أسقط واحدة جعلها عاطفة أي للعطف من غير مهلة دون سببية ولم يعينها فقيل إنها فاء فرآه لأنها عطفته على زين ولا يخفى أنّ رؤيته حسنا مسبب عما سوّله له شيطان الوهم والهوى وتقرير المصنف مناد على خلاف ما ذكره، وقيل إنها فاء أفمن الخ فإنها رأس كلام وان قصد به تقرير ما قبله لا سيما إذا قلنا إنها عطفت على مقدّر كما هو مذهب المصنف رحمه الله على ما عرف في أمثاله، وهو أقرب وستأني تتمة الكلام عليه. قوله: (غير أن الآوليين الخ) وجهه على الأوّل أن تزيين الأعمال وعدمه سبب للعذاب والأجر، واضلال الله وهدايته سبب للتزيين الذي أراه القبيح حسنا وأما النهي عن تهالكه وتحسره عليهم فمسب عن أنّ الله خلق الناس على قسمين ضال ومهديّ، وهو ظاهر ولذا ارتكبه من ارتكبه وعلى الثاني فاعتقاده الباطل حقا سبب لتزيينه عنده والإضلال والهداية سبب لذلك الاعتقاد، وأمر الثالث كما مرّ