وللبحث فيه مجال، والفاء قد تدخل على المسبب وقد تدخل على المسبب وان فرق بعضهم بينهما فجعل الأولى تعليلية والثانية سببية، ولا مشاحة في الاصطلاح. قوله: (وجمع الحسرات الخ) يعني أنه مصدر صادق على القليل والكثير في الأصل لكنه جمع هنا لدلالة على زيادة حسرته التي كادت تذهب بنفسه لثدتها أو على تعدّدها بسبب تعدد أسبابها فالفرق بينهما ظاهر، وقوله لأنّ المصدر الخ تقدم إنّ بعضهم اغتفره في الجار والمجرور، وقوله أو بيان الخ فيكون ظرفا مستقرّاً متعلقه مقدر كأنه قيل على من تذهب فقيل عليهم ونصب حسرات على أنه مفعول أو حال. قوله: (استحضاراً الخ) إشارة إلى أنّ حكاية الحال تكون في الأمور المستغربة البديعة، وانه لتمثيلها بجعلها كالحاضر المشاهد لأنّ الأمور الغريبة يهتم بها السامع فيزيد تصوره لها كأنها محسوسة له، وقوله ولأنّ الخ الظاهر أن الأحداث مصدر مضاف للمفعول وهو الرياج، والفاعلى هو الله تعالى والأحداث هو معنى الإرسال لأنه إيجاد خاص من الله تعالى لها، وقوله بهذه الخاصية بالباء أو اللام كما في بعض النسخ وفي بعضها على هذه الخاصية والمقصود أن الإثارة خاصية لها وأثر
لا ينفك عنها فلا يوجد إلا بعد إيجادها فيكون مستقبلا بالنسبة إلى الإرسال فاستعمال المضارع فيه على ظاهره، وحقيقته من غير تأويل لأنّ المعتبر زمان الحكم لا زمان التكلم والفاء دالة على عدم تراخيه وهو شيء آخر، فما قيل من أنه مضاف للفاعل أي إحداث الرياح الإثارة وهي تحدث بعد إرسالها فللدّلالة عليه أتى بصيغة المستقبل، والفاء وان دلت عليه لكن لا مانع من تعدد الدال على أمر واحد للاهتمام به كلام مغشوش مشوّس والحق ما سمعته. قوله: (للدّلالة على استمرار الأمر) يعني أنه أتى بما يدل على الماضي ثم بما يدل على المستقبل إشارة إلى استمرار ذلك، وإنه لا يختص بزمان دون زمان إذ لا يصح المضي والاستقبال في شيء واحد إلا إذا قصد ذلك، وتشديد الياء من ميت وهما بمعنى وقد يفرق بينهما، وقوله وذكر السحاب كذكره جواب عن مرجع الضمير بأنه على ما يفهم منه بطريق الالتزام أو هو راجع إلى السحاب ونسبة الإحياء إليه لأنه سبب السبب، وقوله أو والصائر الخ عطف على سبب السبب، وهذا بناء على أنّ السحاب بخار متصاعد فقد يصير مطراً بعينه فالإسناد إليه لأنه أصله، وهذا مع تكلفه لا فرق بينه وبين ما قبله يعتدّ به واستعارة الموت والحياة قد مرّت مفصلة، وقيل إنه أشار بقوله بعد يبسها إلى أنّ الحياة مستعارة للرطوبة والموت لليبوسة لأنها تكون منشأ للآثار كالحياة وفيه نظر. توله: (والعدول فيهما الخ) وكون ضمير المتكلم أدخل في الاختصاص لأنه لا يحتمل الشركة كضمير الغائب، وهذا الفعل مما اختص به تعالى فناسب ذكره بما هو أدل على الاختصاص ولما فيه من كمال القدرة أتى بضمير العظمة. قوله: (أي مثل إحياء الموات الخ) المراد بالموات الأرض التي لا نبات فيها فإنباته فيها قدرة عظيمة دالة على صحة الحشر والنثر، والمعاد وقوله احتمال الخ أي إنّ النابت ثانياً زيادة أخرى غير مادة الأوّل، ولا مدخل له في المقدورية ولا في صحتها مع أنه بعينه جار في القسمين أيضاً على ما عرف فيه من أنه إعادة معدوم أولاً كماه فصل في الكلام. قوله: (وقيل في كيفية الإحياء (أي وجهه أنه مثله في الكيفية لأنه بأمطار ماء كالمني تنبت به الأجسام من عجب الذنب على ما ورد في الآثار، وهو معطوف على قوله في صحة المقدورية. قوله: (الشرف والمنعة) بفتحتين مصدر بمعنى العز والقوّة ويكون جمع مانع أيضا وتعريف العزة للجنس، وفيما بعده للاستغراق بقرينة قوله
جميعاً، وقوله فليطلبها الخ فوضع فيه السبب موضع المسبب لأنّ الطلب ممن هي له وفي ملكه جميعها مسبب عنه، وعبر بما ذكر للعدول إلى المقصود وترك الوسيلة كما مرّ في قوله فانفجرت والطلب منه إنما يكون بالطاعة والانقياد إذ ما عداه لا يعد لعدم إيصاله للمطلوب فلذا عقبه بقوله: (إليه يصمد الكلم الطيب) الخ وجعل بعضهم المقدّر فليطع الله، ولو أريد بالعزة الأولى جميعها وقدر الجواب فهو لا ينالها صح أيضا وهو أنسب بما بعده، ولا ينافي قوله ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين وقوله تعز من تشاء الخ كما قيل. قوله: (بيان لما يطلب به العزة) أو لكون العزة كلها لله وهي بيده لأنها بالعمل الصالح، وهو لا يعتد به ما لم يقبله أو هي مستأنفة وقوله وهو التوحيد تفسير للكلم الطيب لأنّ المراد به كلمة الشهادة وجمعها لتعددها بتعدد قائلها، وقوله: