فيه تقريري ويجوز أن يكون من قولهم جميعا، وقوله بمن شأنه الموت إشارة إلى ما في الصفة المشبهة من الدلالة على الثبوت، وتوجيه للاستثناء ليكون متصلاَ وضمير هي للموتة الأولى، وقوله متناولة الخ توجيه للموتة بتاء الوحدة بأنّ موتة القبر بعد السؤال داخلة في الأولى لأنّ ما بينهما من الحياة غير معتد به لأنه ليس إعادة تامّة ولا قارة. قوله: (وقيل على الاستثناء المنقطع (هو فيما
قبله استثناء مفرع من مصدر مقدّر وعلى هذا المعنى لكن الموتة الأولى كانت لنا في الدنيا كما في قوله: ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى﴾ [سورة الدخان، الآية: ٥٦] وسيأتي تحقيقه وقوله وذلك الخ يعني قوله أفما نحن بميتين الخ ويجوز أن يكون من كلام الجميع كما مرّ، وقوله يحتمل أن يكون من كلامهم أي أهل الجنة الشامل للقائل والجلساء، ولذا لم يقل كلامه ثم كما صرّح به فمن قال الأظهر أن يقول كلامه لم يصب. قوله: النيل مثل هذا) ففيه مضاف مقدر ومثل يحتمل لإقحام كما في مثلك لا يبخل، وقوله للحظوظ الدنيوية إشارة إلى ما يفيده تقديم الجار والمجرور من الحصر والانصرام الانقطاع واحتمال الأمرين كونه كلام الله أو كلامهم. قوله: (ثمرها نزل أهل النار) إشارة إلى أنّ فيه مضافاً مقدراً أي ثمر شجرة الزقوم لأنّ الشجرة ليست نفسها نزلاً والنزل بضمتين وبالزاي ما يعد للنازل من الطعام، أو هو مستعار من الحاصل للشيء وله معان أخر كريع الطعام والفضل والبركة ولكن الأوّل هو المراد ليدل على ما ذكره من الدلالة، والإشارة إلى ما مرّ من قوله رزق معلوم فواكه الخ لأنه رجوع إليه، والقصة المذكورة بينهما ذكرت بطريق الاستطراد كما ذكره الزمخشري وإن جوّز بعضهم كونه من كلام هؤلاء، وجعل ثمر الزقوم خيراً ونزلا تهكم بهم أو للمشاكلة، وجوّز فيه المصنف الحالية من لاضمير في خير والتمييز من غير تمييز بينهما كما في الكشاف إذ جعله حالاً إذا كان ما يعد للنازل، وتميزا إذا كان بمعنى الحاصل من الشيء إذ الحال يصدق على ذيها والرزق معد بخلاف التمييز فإنه يغاير المميز نحو هو الرجل كرما وشجاعة، وحاصل الشيء غيره والمصنف اقتصر على أحد المعنيين، وجوّز الوجهين فيكون التمييز كما في لله دره فارسا حيث ميزه بما يصدق عليه وحاله ظاهر، وقوله دفرة بالدال المهملة يعني منتنة لا بالمعجمة دمان قيل إنه بمناه أيضا لأنّ المشهور أنّ الثاني يختص بالطيب فيقال مسك أذقر، وتهامة سهل الحجاز مقابل نجد وقوله الموصوفة أي بما ذكر في هذه الآية. قوله: (محنة وعذابا (لما مرّ من أنّ الفتنة في الأصل الإذابة بالنار فلذا أطلق على العذاب وبالإذابة يعلم ما غش من غيره فلذا أطلق على
الابتلاء، والحيوان الذي يعيش في النار هو السمندل وتفصيله في حياة الحيوان وقوله في قعر جهنم إشارة إلى أنّ الأصل هنا بمعنى أسفل كما يقال لأسفل الشجرة أصلها. قوله:) حملها (بفتح الحاء وهو ما على رأس أو شجر، وقوله مستعار من طلع التمر الأولى أن يقول طلع النخل وهو أوّل ما يبدو قبل أن تخرح شماريخه أبيض غض مستطيل كالكوز فسمي به هذا إتا لأنه بشابهه في الشكل فيكون استعارة تصريحية أو لاستعماله بمعنى ما يطلع مطلقا فيكون كالرسن للأنف فهو مجاز مرسل، وهذا معنى قوله في الكشاف استعارة لفظية أو معنوية وقد ذكر الطيبي له تفسيراً آخر بأنّ المراد باللفظية التصريحية وبالمعنوية المكنية، وهو غريب واوظاهر لم يرده فقوله أو الطلوع معطوف على الشكل، والهون بمعنى الفزع والخوف. قوله: (وهو تشبيه بالمتخيل الخ) رد على بعض الملاحدة إذ طعن فيه بأنه تشبيه بما لا يعرف بأنه لا يشترط أن يكون معروفا في الخارج بل يكفي كونه مركوزا في الذهن والخيال ألا ترى امرى القيس وهو ملك الشعراء يقول:
ومسنونة رزق كأنياب أغوال
وهو لم ير الغول، والغول نوع من الشياطين لأنه في خيال كل أحد مرتسم بصورة قبيحة
وإن كان قابلا للتشكل، كما أنهم إذ! استحسنوا شيئاً قالوا ما هو إلا ملك كما قرره أهل المعاني، والأعراف جمع عرف وهو بضم فسكون شعر على ما تحت الرأس، وقوله لعلها سميت بها لذلك أي لقبح منظرها سميت به على طريق التخيل أيضاً لكن المشبه به على الثاني متحقق لكنه لم يرتضه لكونه غير معروف لا في الذهن ولا في الخارج. قوله: (من الشجرة أو من طلعها) الظاهر أنه يريد أنّ الضمير للشجرة، ومن ابتدائية أو تبعيضية وفيه مضاف مقدر ويؤيده أنه وقع في نسخة أي طلعها، واما أنه على أنّ الضمير راجع للطلع وأنث لإضافته للمؤنث أو لتأويله بالثمرة، أو للشجرة على التجوّز فجائز مع بعدما.


الصفحة التالية
Icon