قوله: (أي بعدما شبعوا الخ) فثم للتراخي على حقيقتها، وقوله ويجوز الخ فهو للتراخي الرتبي لأنّ شرابهم أشنع من مأكولهم بكثير إما ملء البطون فيعقبه، وليس بشيء غير ما قبله متصوّر فيه تفاوت رتبي فلذا ترن بالفاء، وقيل على الأوّل إنه يأباه عطفه بالفاء في آية أخرى ﴿فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ﴾
[سورة الواقعة، الآية: ٥٣- ٥٤] فلا بد من عدم توسط زمان أو شيء آخر كطول الاستقاء بينهما لكن ملؤهم البطون أمر ممتد فباعتبار ابتدأئه يعطف بثم وباعتبار انتهائه بالفاء فتأمّل. قوله: (من غساق) بالتخفيف والتشديد عين فيها تسيل إليها سموم الحيات والعقارب، أو ماء دموع الكفرة فيها والصديد ما يسيل من جراحهم، وجلودهم فليس فيه جعل شيء قسيماً لنفسه حتى يقال أو للتخيير في التعبير، ولا ينافيه تفسير غساق بصديد في محل آخر، واذا ضم شين شويا فهو ما يشاب به كما أنّ القفل ما يقفل به. قوله: (إلى دركاتها) دفع لما يتوهم من أنه عود لما هم فيه ولا معنى له بأنّ المراد أنهم يوردون في الجحيم من مكان إلى آخر أدنى منه، أو ذلك النزل! كان قبل الدخول فيها ولكونه خلاف الظاهر أخره، وقوله يوردون الخ تفسير لقوله يطوفون الخ في الآية الثانية، وقوله وقيل الحميم الخ هذا وجه في الجواب ثالث فيه أنّ الحميم خارج عن محل من النار يخرج المجرمون منه للسقي كما يخرج الدواب للماء، وليس المراد أنه خارج عن الجحيم بالكلية حتى ينافي أنهم بعد دخول النار لا يخرجون منها بالاتفاق كما قيل بل إنه في غير مقرهم فيجوز أن يكون في طبقة زمهريرية منها مثلاً والانقلاب أظهر في الرد فلذا جعله مؤيداً له. قوله: (كأنهم يزعجون (أخذه من فعل الأهراع المجهول وقوله وفيه إشعار الخ هو من الإسراع المقرون بالفاء، وقوله قبل قومك لأنهم المراد بالظالمين الراجع إليهم جميع الضمائر لأنهم المنكرون لخروج الشجر في النار فليس فيه تفكيك للضمائر كما توهم وإلاستثناء يحتمل الاتصال، والانقطاع وقد تقدم الكلام فيه والخطاب في قوله فانظر. قوله:) ولقد دعانا (أي بإهلاك قومه إذ قال: ﴿لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾
[سورة نوج، الآية: ٢٦] بقرينة قوله أيس من قومه. قوله:) فحذف منها ما حذف) هو محتمل لأن يريد بالمحذوف القسم لدلالة اللام عليه والمخصوص بالمدح وهو فحن، وقوله فأجبناه الخ بيان لحاصل المعنى أو المحذوف ما ذكر وجملة فأجبناه أحسن الإجابة لأنّ المدح بحسن الجواب يقتضي تقدمه على أحسن الوجوه. قوله:) من الغرق أو أذى!!) وفي نسخة وأذى قومه وهي أحسن إذ لا مانع من الجمع وهو تفصيل لما قبله ولا يلزم التكرار على تفسيره بأذى قومه بل على تفسيره بالغرق لقوله ثم أغرقناكما فيل، وقوله إذ هلك من عداهم الخ بيان لحصر الباقين في ذرّيته كما يفيده ضمير الفصل، وقوله إذ روي الخ لا بد منه لأنه كان في السفينة من عداهـ (لكنهم لم يعقبوا عقابا باقيا فلا يضرّنا وأولاده سام وحام ويافث ومنهم تشعبت الأمم كما فصل في التوايخ، ولذا قيل آدم الثاني. قوله: (هذا الكلام (يعني قوله سلام على نوح في العالمين إذ لو لم يحك نصب لأنه مفعول تركنا كما قرأ به ابن مسعود رضي الله عنه فهو مبتدأ وخبر وجاز الابتداء بالنكرة لما فيه من معنى الدعاء، والحكاية إمّا بتركنا لتضمنه معنى القول بناء على مذهب الكوفيين أو بقول مقدر أي تركنا قولهم سلام ملى نوح، وقوله يسلمون عليه تسليما إشارة إلى أنه إذا كان اسم مصدر من التسليم كان منصوبا على المصدرية على الأصل واذا كان سلاما من الله لا من الآخرين فتقديره، وقلنا سلام الخ فمفعول تركنا على هذا محذوف كما ذكره. قوله: (متعلق بالجار والمجرور) هو إمّا على طاهره لأنه لنيابته عن عامله يعمل عمله أو المراد أنه متعلق بما تعلق به، وفي قوله بثبوت هذه الئحية إيماء إليه أو المراد به التعلق المعنوي فيجوز كونه حالاً من الضمير المستتر فيه، وقوله لى الملائكة إشارة إلى أنّ فيه شمولاً وعموماً لا يغني عنه قوله في الاخرين وكونه بدلاً منه يأباه! شره وفصله. قوله: (من التكرمة) بنجاته وتخليد الثناء عليه واحسانه مجاهدته في إعلاء كلمة الله وإزالة أعدائه، وقوله تعليل لإحسانه المدلول عليه بالمحسنين والتعليل من سياق مثله مقرر لى المعاني، وقوله إظهاراً لجلالة قدره أي قدر الإيمان حيث مدح من هو من كبار الرسل به في لمقصود بالصفة مدحلها لنفسها لا مدح موصوفها كما مرّ إذ الرسول لا يتصوّر انفكاكه عن الإيمان على ما بينه شراح الكشاف، وما قيل عليه من أنه توجيه لتوصيفه بالإيمان دون تعليل الإحسان بالإيمان وهو


الصفحة التالية
Icon