والضمير في قوله لسبق وعده لله أو لإبراهيم على أنّ الضمير مضاف لمفعول لتتسق الضمائر، والظاهر أنه لما أمره بالذهاب تكفل بهدايته وليس فيما ذكره نسبة القصور إلى موسى عليه الصلاة والسلام حتى يقال ذإك في أمر دنيوي، وهذا في أمر ديني فلذا ناسب الجزم فيه بل للتفاوت بين مقاميهما أو ذاك كان قبل البعثة بخلاف هذا، والظاهر أنّ التوقع ليس ناشئا من قردّد في الإجابة بل تأدّب مع الله أن لا يقطع عليه بأمر قبل وقوعه، وقد صدر مثله عن نبينا ﷺ في قوله عسى أن يهديني ربي، وهو أرفع الرسل عليهم الصلاة والسلام. قوله: (رب هب لي من الصالحين) تقديره ولداً من الصالحين، وحذف لدلالة الهبة عليه فإنها في القرآن وكلام العرب غلب استعمالها مع العقلاء في الأولاد كقوله: ﴿وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ﴾ [سورة الشورى، الآية؟ ٤١] ولذا سمي هبة وموهبة وأمّا قوله ووهبنا له أخاه هرون فمن غير الغالب أو المراد هبة نبوّته لا ذاته وهو شيء آخر. قوله: (ولقوله فبشرناه الخ) وجه لدلالته باعتبار ما يتبادو من فحواه فإنه إنما يقال مثله في حق الأولاد وكفى بعرف التخاطب شاهداً عليه كما فيما فبله فلا يرد عليه أنه لا دلالة فيه على ما ذكر، ولا يتجه دفعه بأنها من تسبب البشارة على الدعاء فإنه لا يجدي دون ما ذكرناه وأيضا يجوز كون الدعوة مطلقة، والجواب خاص. قوله: (وبأنه دّكرا لاختصاص الغلام به، وقوله يبلغ أو إن الحلم بضمّ فسكون أي البلوغ بالسن المعروف فإنه لازم لوصفه بالحليم لأنه لازم لذلك السن بحسب العادة إذ قلما يوجد في الصبيان سعة صدر وحسن صبر واغضاء في كل أمر، ويجوز أن يكون من قوله غلام فإنه قد ختص بما بعد البلوغ وإن كان ورد عامّا أيضاً وعليه العرف كما ذكره الفقهاء، وقوله ويكودط حليماً معطوف على يبلغ وهذا من منطوقه وقوله وهو مراهق قريب من البلوغ فيعطي حكمه فلا
يتوهم عدم مناسبته لما قبله مع أنه أغلبيّ، وقوله تشهد عليه أي تدل على ما ذكر فيهما. قوله: (فلما وجد الخ) بيان لحاصل المعنى المراد لا تقدير إعراب وبيان حذف إذ البلوغ لا يكون إلا بعد وجوده، وقوله لأن صلة المصدر الخ، وكذا أعماله معرّفا قليل أيضاً ومن اغتفر ذلك في الظرف جعله متعلقا به من غير تكلف. قوله: (فإنّ بلوغهما لم يكن معاً) ولو تعلق به لدل على ذلك وهو غير صحيح، وأمّا قول بلقيس أسلمت مع سليمان فلا يدلّ على جواز مثله باعتبار دلالته على التبعية وان لم يتحد زمان تلبسهما بالفعل لأنه أوّل بأنه حال أو فيه مضاف مقدر أي إسلاما مع دعوته وهذا أيضاً جار هناك بأن يقدر حالاً من فاعل بلغ أو فيه مضاف مقدر أي مع ترتبه فمن قال: المعنى ليس عليه لم يصب إذ لا مانع منه وقوله فقيل معه أي سعى معه لكن تقدم البيان خلاف الظاهر، وقوله فلا يستسعيه الخ فالمراد بيان أوانه وأنه في غضاضة عوده كان فيه ما فيه من رصانة العقل ورزانة الحلم حتى أجاب بما أجاب ففائدته بيان الواقع مع ما ذكر وفي الوجه الذي بعده بيان استجابة دعائه. قوله: (يحتمل أنه رأى ذلك) أي رأى في منامه أنه فعل ذبحه فحمله على عادة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في أنّ رؤياهم تقع بعينها أو رأى ما عبره بذلك وقوله: روّي أي فكر وتأمّل في ذلك ليعلم أهو رحمانيّ أم شيطانيّ، وقوله: وقال له أي قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام لابنه. قوله: (والأظهر الخ) اختلاف في هذه المسألة مشهور ولكن الصحيح أنه إسماعيل عليه الصلاة والسلام للوجو. التي ذكرها المصنف، وقوله: أثر الهجرة أي هجرته إلى الشام وهي أوّل هجرة لله وكان رزقه قبل كبر سنه بخلاف إسحق. قوله: (أنا ابن الذبيحين) قال العراقي: لم أقف عليه (قلت) في مستدرك الحاكم عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال: " كنا عند رسول الله ﷺ فأتاه أعرابي فقال: يا رسول الله خلفت البلاد يابسة والماء يابساً هلك المال وضاع البيإل فعد علي مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين قال: فتبسم رسول الله ﷺ ولم ينكر
عليه الحديث " ذكره في المواهب والشفاء وهذا يكفي لثبوته حديثاً فإنه قوله وفعله وتقريره، وقوله إن سهل الله له حفر زمزم لأنها كانت اندرس أثرها لما خلت مكة عن الناس بعد جرهم كما فصل في السير، وقوله أو بلغ الخ شك من الراوي وهو الصحيح لأنّ عبد الله لم يولد عند حفر زمزم، وقوله فخرج الخ هي قصة طويلة طواها المصنف، وقوله: ولأنّ ذلك كان بمكة يعني ولم يخرج لها إسحق ومن يقول هو إسحق وعليه أهل الكتاب يقول النحر بالأرض المقدّسة فلا يسلم هذا.


الصفحة التالية
Icon