وأما الوجوب فالظاهر أنه من كونه قيدا للأمر بالعبادة فإنه إذا قيل صل قائما أفاد وجوب القيام، وقيل إنه من المقام، وقوله فإنه المنفرد الخ إشارة إلى ما مر من أن قوله إلا لله الخ تعليل للإخلاص المذكور كما مر والتفرد المذكور من الاسم الشريف فإنه وضع للمعبود بحق فهو منفرد بالألوهية ولوازمها وكونه مطلعا على السرائر منفرداً بالاطلاع عليها في الواقع مما لا شبهة فيه، وما ذكره المصنف ليس لبيان ما في نفس الأمر فقط بل في النظم ما يدل عليه، وهو جعل الدين المختص به ما كان خالصا والخالص إنما يخلص خلاصاً تاما إذا لم يكن فيه شرك ولا رياء ونفاق، ولا يعلم ذلك إلا باطلاع على ما في الضماثر فإن مرجعها إليه. قوله:) يحتمل المتخذين من الكفرة (يعني أن الموصول يحتمل أن يكون المراد به المتخذين بكسر الخاء اسم فاعل فالعائد الضمير الواقع فاعلا المذكور، وأن يكون المراد به المتخذين بفتح الخاء اسم مفعول، وهم المعبودون من دون الله فالعائد محذوف تقديره اتخذوهم وقوله وإضمار
المشركين الخ يعني على الوجه الثاني لأنّ ضمير الفاعل لا يعود على الموصول بل على المشركين المعلوم من السياق، وقوله من دونه صفة مفعول اتخذوا الأوّل على الأوّل وعلى الثاني صلة اتخذوا وقوله من لاملائكة الخ بيان المتخذين بالفتح، وادراج عيسى عليه الصلاة والسلام فيهم لأنه مما عبد من دونه، وهو في الحقيقة شريك عندهم فلا إشكال فيه كما قيل. قوله: (وهو مبتدأ خبره على الأول) أي على كونه عبارة عن المتخذين بالكسر هو مبتدأ والخبر يقولون ما نعبدهم الخ، وقوله وهو متعين على الثاني أي على إرادة الملائكة وغيرهم من المعبودين لأنه لا يصح الإخبار عن المتخذين بالفتح بأنهم قالوا ما نعبدهم الخ إلا بتكلف كأن يجعل ضمير قالوا للكفرة، والعائد ضمير نعبدهم فالمانع معنويّ لا لعدم الرابط لأن ضمير نعبدهم للأولياء كما قيل لعدم تعيينه لكن في جعل الجملة الثانية خبرا نظر من جهة المعنى إذ لم يرد الحكم بين المعبودين بل بين العابدين. قوله: (وعلى هذا الخ (كما أن هذه الجملة كانت على الأوّل خبراً، وثانياً أو استئنافا لكن في جواز حذف البدل المقصود وإبقاء المبدى منه الذي في نية الطرح نظر، وإن قام معموله مقامه والبدل بدل اشتمال وكونه من التوابع التي عرفت بما أعرب بإعراب متبوعه والصلة لا إعراب لها فينتقض التعريف، أو تبطل التبعية يدفع بأنه على تقدير إن كان معربا أو هو باعتبار الأصل الغالب، ولا يصح كون التعريف لما في المفردات فإنه لا يدفع المحذور لبقائه في تأكيد الحروف كنعم نعم ونحوه، وقوله مصدر أي منصوب على المصدرية ليقرّبونا كقعدت جلوسا أو حال مؤكدة من ضمير المفعول أو الفاعل مؤوّلاً باسم فاعل، وقوله اتباعا أي للباء. قوله:) بإدخال المحق الجنة الخ (فالحكم ليس بمعنى فصل الخصومة بل هو مجاز أو كناية عن تمييزهم تمييزاً يعلم منه حقيقة ما تنازعوا فيه، وقوله فإنهم يرجون الخ بيان للاختلاف بينهم على هذا الوجه والحكم مجاز أيضا عما مر من إدخال الملائكة، وعيسى الجنة وادخالهم النار تمييزاً بينهم وهذا لا يجري في عبدة الأصنام، والكلام معهم ولذا مرضه وقوله لا يوفق للاهتداء أو لا يخلقه فيهم، وقوله كاذب كفار فيه تعليل للحكم كما أشار إليه المصنف. قوله: (لقيام الدلالة على امتناع الخ (كما برهن عليه
ببرهان الثمانع وغيره وقوله إذ لا موجود تعليل للاصطفاء من الخلق، وقوله ووجوب بالجز عطف على امتناع. قوله: (ومن البين الخ) قيل إنه يعني أنه تعالى رتب على فرض إرادة اتخاذ الولد اصطفاء ما يشاء مما يخلق لا اتخاذ الولد وحيث لم يكن الاصطفاء المذكور من اتخاذ الولد في شيء تبين أن اتخاذ الولد ممتنع، ولو فرض إرادته وقيل إنه إشارة إلى أن لو لقصد لزوم الثاني للأوّل، مع انتفاء اللازم ليستدل به على انتفاء الملزوم أي لكن اصطفاء ما يخلق للولدية باطل إذ لا تماثل فكذا إرادة الاتخاذ واعتبار الخلق دون الإمكان مع كفايته وإن كان تطويلاً للمسافة لإظهار قبح ما فعلوه، وردّ بأنه يأباه النظم فإن المناسب حينئذ أن يقال لا أتخذه مما يخلق، ويترك ذكر الإرادة فيقال لو أتخذ ولداً، وظاهر أنّ قوله إذ لا موجود سواه الخ دليل للاصطفاء مما يخلق فلا بد من اعتبار الخلق سواء اعتبر الإمكان أو لم يعتبر فلا تطويل إلا إذا اعتبر الإمكان حيث يكون في الكلام زيادة ما لا حاجة إليه، واختيار ما يخلق دون ما يمكن لأنه المعروف في لسان الشرع، وأمّا