والسكاكي لم يفرق بينه وبين يسبح له فيها بالغدوّ والآصال رجال ولا بد من الفرق لأن الفعل هناك على ظاهره لم يؤت به للدلالة على الاستمرار اهـ، وأورد عليه أن قولنا
من يوحي صالح لقصد الاستمرار والغرض من السؤال ليس تعيين الموحي بل بيان اتصافه بما ينبئ عن المدح والتعظيم أي ذلك المعلوم المحقق، وحيه بين لي من هو ولذا قرن بصفات الجلال والكبرياء وعقب بالتنزيه البليغ فلا يصح ما ذكر عذراً للعدول فالظاهر أنّ الزمخشري لم يقصد بهذا التقدير إنه متعين وأن الواقع في السؤأل المقدر الاسم لا الفعل، وقد نوقش فيه بأن جواب من الموحي الله الموحي أو الموحى الله على ختلاف فيه لا يوحي الله ليكون الواقع ما دل عليه يوحي وللبحث فيه مجال فتدبر. قوله:) كما مر في السورة السابقة) في قوله: تنزيل من الرحمن الرحيم، وقيل: ما بعد يوحي إلى آخر السورة قائم مقام فاعل يوحي أي هذه الكلمات فيكون الله مبتدأ، وقوله: وما بعده أي الحكيم له ما في السموات الخ وهذا على تنزيل الوحي منزلة المعلوم الذي لا يحتاج إلى البيان، وعلى هذه القراءة يجوز كون الموحي به قوله الله العزيز الخ. قوله: (خبران له) أي لقوله الله وجعلهما خبرين لا خبراً واحداً لأن المعطوف على الخبر خبر، فلا يرد عليه أنّ الظاهر أن يقول خبر بالإفراد كما قيل. قوله: (وقيل من دعاء الولد له (أي من نسبة الولد له يعني أنّ النظم محتمل لوجهين، أحدهما إنّ معناه أنّ السموات تنشق من عظمته ومهابته تعالى لأنّ الآية مسوقة لبيان عظمته، وعلوه ولذا ترك العاطف في قوله تكاد الخ، وثانيهما: أنّ المعنى تكاد تنشق من دعائهم له ولداً وشريكا كقوله: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ﴾ [سورة مريم، الآية: ٩٥] منه الآية وأيد بقوله: بعده والذين اتخذوا من دونه أولياء، فإيراد الغفور الرحيم لأنهم استوجبوا بهذه المقالة صب العذاب عليهم لكنه صرف عنهم لسبق رحمته فالآية واردة للتنزيه بعد إثبات المالكية والعظمة التامّة والأوّل أنسب بالسياق، والسباق وترك العاطف ولذا مرض هذا. قوله: (والأوّل أبلغ) لأنّ المطاوع والمطاوع من التفعيل والتفعل الموضوعين للمبالغة بخلاف الثاني فإنه انفعال مطاوع للثلاثي ٠ قوله:) وترئ تتفطرن بالتاء لتثيد التأنيث وهو نادر) عدل عن قوله في الكشاف ووى يونس عن أبي عمرو قراءة غريبة تتفطرن بتاءين مع النون ونظيرها حرف نادر، روي في نوادر ابن الأعرابي الإبل تتشممن اهـ لأن أبا حيان قال إنه وهم لقول ابن خالويه من الشواذ تتفطرن بالتاء والنون، وهو شاذ لأن العرب لا تجمع بين علامتي التأنيث فلا تقول النساء تقمن ولا الوالدات ترضعن، وقد كان أبو عمرو الزاهد روي في نوادر ابن الأعرابي الإبل تتشممن فأنكرناه فقد قوّاه الآن هذا فإن كانت نسخ الزمخشري
متفقة على قوله بناءين فهو وهم وإن كان في بعضها بتاء مع النون كما مرّ فموافق لقول ابن خالويه، وكان بتاءين من تحريف النساخ وكذلك كنايتهم تتفطرن، وتتشممن بتاءين اهـ ورده المعرب بأنّ ابن خالويه أورده في معرض الندرة والإنكار له قبل تقويه بهذه القراءة، وإنما يكون نادراً منكرا بتاءين فإنه حينئذ مضارع مسند لضمير الإبل فحقه أن يكون بياء المضارعة التحتية كالنساء يقمن وكذا يتشممن بياء تحتية، ثم تاء فوقية فلما جاء بتاءين فوقيتين ظهر ندوره وإنكاره له ولو كان بفوقية واحدة كان على القياس كالنسوة تبرجن فإنه ماض مسند لضمير الإناث وكذا لو كان بياء تحتية، ثم تاء فوقية فالشذوذ إنما يتاتى إذا كان بفوقيتين فتتفطرن سواء قرئ بفوقيتين أو بفوقية ونون نادر لما ذكره ابن خالويه، وهذه القراءة لم يقرأ بها في نظيرتها في سورة مريم يرجع إلى تصحيح النقل وهو سهل إلا أنّ قوله إنما يتأتى إذا كان بفوقيتين مناقض لآخر كلامه لكن إذا ظهر المراد، سقط الإيراد فتدبر. قوله: (لتثيد التأئيث) بالجمع بين علامتيه التاء والنون وهو مخالف للقياس، والاستعمال وهو أحد أقسام الشاذ الثلاثة المشهورة. قوله:) يبتدئ الانفطار من جهتهن الفوقانية) نسبة للفوق على خلاف القياس كالتحتاني، والألف والنون كثيرا ما تزاد في النسب حتى يكاد يطرد لكئرته، وضمير فوقهن على هذا للسموات والمراد الطرف الأعلى منهن وهو جهة الأوج المقابلة للحضيض، وقوله: وتخصيصها أي تخصيص الجهة الفوقية بالذكر، وقوله: على الأوّل المراد به الوجه الأول في تفسيره من أنّ انفطارهن من عظمة الله


الصفحة التالية
Icon