فأهلكنا أشد منهم كما ظن الطيبي إذ لا خطاب فيه للرسول ﷺ فلا التفات انتهى، وأشار الشارح المحقق بقوله، وقيل: هذا ليس من الالتفات في شيء إلى ما فيه من الخلل لأنه بعدما خاطب المشركين صرف الكلام عنهم إلى النبيّ ﷺ وأتى بهم في جملة من شمله الضمير الغائب ففي قوله: " يأتيهم التفات "، وأما ضمير منهم فلجريه على مقتضى الظاهر لسبق التعبير بالغيبة فيه فلا التفات فيه من وجه، وأمّا قوله: ولئن سألتهم فمن تلوين الخطاب والأدباء يسمونه التفاتا أيضا كما فصل في شرح التلخيص فلا وجه للاعتراض على الطيبي رحمه الله لأن مراده ما ذكرناه، ثم إنّ ما ذكر صريح في أنّ ضمير منهم للمسرفين لا للأوّلين كما قيل ليس المقصود بيان حالهم بأنهم كالأوّلين في حالهم ولو رجع للأوّلين لم يكن بيانا لحالهم فتأمّل. قوله: (قصتهم العجيبة (تفسير للمثل كما مر ووعد الرسول بما تضمنه قصص الأنبياء المذكورة من نصرتهم ووعيدهم لإهلاك المستهزئين بهم كما جرى على الأوّلين. قوله: (لعله (الضمير لما ذكر في هذه الآية إلى آخرها من الأوصاف التي وقعت محكية بالقول، وهو دفع لما أرود عليه من أنهم لم يصفوه بهذه الأوصاف المتضمنة لقدرته الباهرة، وأن منه المبدأ والمعاد ونحوه مما ينكرونه وأيضا هذا لا يتأتى أن يكون مقولهم لقوله: فانشرنا ولا مقول الله لأنهم المسؤولون، ولقوله: ليقولن فدفعه باختيار كل من الشقين أمّا على الأوّل لا على الثاني، كما توهم فإنهم إنما قالوا خلقهن الله كما ورد في آيات أخر لكن الاسم الجليل وهو الله متضمن لهذه الأوصاف ومستلزم لها فكأنهم لما قالوا: الله ذكروا هذه الأوصاف كلها ضمناً فحكاه الله عنهم بما يلزمه ومعناه، وان لم يقصدوه، وأما على الثاني فأشار إليه بقوله: ويجوز أن يكون أي مقولهم بعضه، وهو
المذكور بقوله: خلقهن العزيز العليم، ثم إنه تعالى استأنف وصف ذاته بما بعده وسيق سياقاً واحداً وحذف موصوف الذي من كلامه تعالى فجاء أوّله على الغيبة، وآخره على التكلم في قوله: أنشرنا كما في قوله تعالى حكاية عن موسى: ﴿لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى﴾ [سورة طه، الآية: ٥٢] الذي جعل إلى أن قال: فأخرجنا الآية، وهذا ما اختاره في الانتصاف. قوله: الازم مقولهم أو ما دل عليه إجمالاً الأنهم قالوا: الله فإن نظر إليه بعد العلمية فمدلوله الذات، وما ذكر من لوازمه التي يدل عليها بطريق دلالة الالتزام المعروفة عند البلغاء دون أهل الميزان، وإن نظر إليه بقطع النظر عن ذلك فهو موضوع لذات لها الألوهية والاتصاف بجميع صفاتها التي تلاحظ داخلة في الموضوع له كالمشخصات في غيره تعالى فهي دالة على ذلك إجمالاً بطريق التضمن، أو الأوّل مبني على أن مقولهم خلقهن الله فقط، والثاني على أنه وقع فيه ما يدل عليه إجمالاً وإلى هذين الإعتبارين أشار بقوله لازم مقولهم الخ فما قيل: إنّ بينهما عموماً وخصوصا وجهيا لاجتماعهما في اللازم البين، وافتراقهما في لازم غير مدلول ومدلول غير لازم وهذا إذا أريد اللزوم الميزاني والا فلا فرق بينهما لا وجه له، وقوله: أقيم مقامه ناظر للوجهين. قوله: (تقريرا لإلزام الحجة عليهم (في نفي إله غيره وقدرته على البعث، وقوله: قالوا الله أي خلقهق الله وقوله: وهو الذي الخ جملة حالية، والضمير دلّه اسم الذات المجتمع لجميع صفات الكمال فكأنهم قالوا من صفتك كيت وكيت، وقد عرفت معنى قوله: ويجوز أن يكون وأن الضمير فيه راجع للتوصيف كضمير لعله فلا تفكيك فيه بناء على أنه راجع لقوله: ﴿خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ﴾ [سورة الزخرف، الآية: ٩] وضمير لعله له مع ما بعده إلى آخر الآية مع أنه مع القرينة لا ضير فيه ولا فرق بين ما ذكره المصنف والزمخشري كما توهم ومحصل ما ذكر يرجع إلى الحكاية بالمعنى كما في الشروج. قوله: (فتستقرون فيها) إفا بيان للمعنى المراد منه لأنه ورد في محل آخر قراراً، ويحتمل أنه يريد أنه مجاز مرسل أو تشبيه بليغ وقوله، وقرأ الخ لم يجعل قراءة الأكثر أصلاً لأنه غير مطرد ولا لازم، ولو عذت المواضع الذي خالف ما زعم المعترض إنه دأبه لزادت على غيرها فكيف يزعم أنه دأبه، وقوله: لكي الخ فهو ناظر إلى الفعل الثاني، وعلى ما بعده ناظر له ولما قبله. قوله: (بمقدار ينفع ولا يضر) بأق لا ينقص ولا يزيد وهذا
بحسب الأكثر الأغلب والا فقد يضر ولا ينفع، وقوله: زال عنه النماء هو أحسن مما في بعض النسخ مال عنه النماء، وفي أخرى مال عنه الماء والمراد ظاهر وفي بلدة ميتا استعارة مكنية أو تصريحية وقوله: بمعنى البلد الخ وقد مر له توجيه آخر، وقيل: في نكتة العدول إنه إشارة إلى أنّ ضعفه بلغ الغاية وقوله: