من غير تخصيص لشيء من الأشياء، وأما القول بأنه لا صحة له لقوله: ﴿وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [سورة الأنعام، الآية: ٢٣] فغير متجه لما مرّ من أنه اختلف في صدور الكذب منهم يوم القيامة فتذكره. قوله:) واللام مثلها الخ (أي هي لام التوقيت كما في كتبته لخمس خلون، ونحوه كما أشار إليه بقوله: حين تقع، وقوله: أو ليس الخ فاللام للتعليل، والمعنى أنها لتحقق وقوعها، ومشاهدة نزولها لا تكون نفس كاذبة في الخبر عنها ثمة كما هو في الدنيا الآن. قوله: (أوليس لها حينئذ نفس تحدّث صاحبها الخ) هذا معنى آخر لكاذبة على أنه من كذبت نفسه، وكذبته إذا منته الأماني، وقربت له الأمور البعيدة التي لا يطيقها، ولذا يقال للنفس الكذوب، واللام على هذا للاختصاص كما يشير إليه قوله لها، وقيل إنها للتوقيت، وهو خلاف الظاهر، وقوله: ثغريه عليها بالغين المعجمة والراء المهملة أي تحثه عليها، وقيل إنه بالعين المهملة، والزاي المعجمة أي تصبره، وليس ببعيد أيضآ، وقوله: في الخطب العظيم متعلق بقولهم: أو بكذبت بالتشديد والتخفيف. قوله: (وهو تقرير لعظمتها) على طريق الكناية لأنّ من شأن الوقائع العظام كتبدل الدول، وظهور الفتن أنه يذل فيها من كان عزيزاً، ويعز من كان ذليلا، وقوله: أو بيان معطوف على تقرير فهو على حقيقته، والمرفوع مرفوع، والمخفوض مخفوض بخلافه فيما قبله، وقوله: إزالة الإجرام أي السموات، والأرض عن مقارّها أي محالها، وفي نسخة محازها وهو مجاز أيضا عن مقارها اللائقة بها وأصله محل الحز، والقطع يقال صادف كذا محزه أي ما يليق به وهو معطوف على خفض أعداء الله، ونثر الكواكب إزالتها ﴿وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ﴾ [سورة الانفطار، الآية: ٢] وتسيير الجبال ﴿إِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ﴾ وسيأتي بيانه، وتفسيره. قوله: (وقرئتا) أي خافضة رافعة بالنصب على الحال قال ابن جني: هي قراءة الحسن واليزيدي والثقفي، وأبي حيوة، وقوله: ليس لوقعتها الخ. حينئذ حال أخرى قبلها لجواز تعدد الأحوال كالأخبار أو هي معترضة لتأكيد تحقق وقوعها، وذو الحال إما الضمير في كاذبة أو وقعت أو الواقعة أو الضمير المضاف إليه في لوقعتها. قوله: (والظرف متعلق بخافضة) عدل عن قول
الزمخشريّ إنها متعلقة بخافضة رافعة لما يرد على ظاهره من توارد عاملين على معمول واحد وإن دفع بأنه أراد التعلق المعنوي، وهو من باب التنازع فما ذكره المصنف اختيار للمذهب الكوفي في أعمال الأوّل، وقد يقال: إنه جنح إلى أنه ليس من التنازع كما في بيت امركة القيس فتدبر، وقوله: أو بدل الخ، وجوز فيه كونه خبرا عن إذا الأولى مع وجوه في الدر المصون. قوله: (فتتت) بتاءين بمعنى كسرت، وقوله: كالسويق إشارة إلى أنه استعارة على هذا، وقوله: منتشرا تفسير للبث بالثاء المثلثة، وقراءة النخعي منبتاً بنقطتين من فوق والمراد ما ذكر من البت، وهو القطع فما قيل من أنّ معنى الآية ينبو عنه لا وجه له. قوله: (وكل صنف يكون الخ) تصحيح لإطلاق الزوج على الصنف قال الراغب: الزوح يقال لكل قرينين من الذكر، والأنثى في الحيوان المتزاوج، ولكل قرينين فيها وفي غيرها كالخف، والنعل ولكل ما يقترن بآخر مماثلا له أو مضادا انتهى. قوله:) من تيمنهم بالميامن وتشاؤمهم ب لشمائل) يعني إطلاقهما على أصحاب المنزلتين مأخوذ مما ذكر فإن العرب لما تيامنت باليمين، وتشاءمت بالشمال كما في السانح، والبارح، وقالوا: للرفيع هو مني باليمين كما يقال للوضيع بالشمال تجوز به أو كني به عما ذكر. قوله: (الذين يؤتون صحائفهم بإيمانهم الخ) خبر قوله: أصحاب الميمنة فهو على حقيقته، وقوله: أصحاب اليمن، والشؤم فيس بمعنى الجهة بل بمعنى البركة وضدها لما عاد عليهم من أنفسهم، وأفعالهم. قوله: (والجملتان الاستفهاميتان خبران الخ) قيل الذي يقتضيه جزالة التنزيل أن يكون قوله: أصحاب الميمنة خبر مبتدأ محذوف، وكذا أصحاب المشامة والسابقون فإنّ المترقب عند بيان انقسام الناس إلى الأقسام الثلاثة بيان أنفس الأقسام، وأمّا أوصافها وأحوالها فحقها أن تبين بعد، والتقدير فأحدها أصحاب الميمنة، والآخر أصحاب المشأمة، والثالث السابقون إلا أنه لما أخر بيان أحوال القسمين الأوّلين عقب كلاً منهما بجملة معترضة منبثة عن ترقي أحوالهما في الخير، والشرّ أنباء إجماليا مشعراً بأنّ لأحوال كل منهما تفصيلا مترقبا لكن لا على أنّ ما مبتدأ ما بعدها خبو على رأي سيبويه بل على أنها خبر فإنّ مناط الإفادة بيان أنّ أصحاب الميمنة