الموجد الخ بيان للحصر الدال عليه تقدم الجار، والمجرور ولام الاختصاص، وقوله: استئناف أي بياني أو نحويّ، وقوله: من الأحياء، والإماتة إشارة إلى أنه تذييل، وتكميل لما قبله. قوله: (تامّ القدرة (إشارة إلى أن صيغة فعيل للمبالغة في الكيف إذ المبالغة في الكمّ تفهم من قوله على كل شيء، وقيل: إنه من التنكير دون الصيغة، وفيه نظر. قوله: (من حيث إنه موجدها ومحدثها) فسر الأوّل في الكشاف بالقديم الذي كان قبل كل شيء، والآخر بالذي يبقى بعد هلاك كل شيء، ولما كانت الأوّلية، والتقدم ذاتية، وزمانية وهو تعالى قبل الزمان، ومنزه عن الزمان كما ينزه عن المكان فتقدمه ذاتي إذ هو الموجد لجميع الموجودات التي من جملتها الزمان فسره بما ذكر وجعله ذاتياً، وغير عبارة الكشاف الموهمة، والسبق الذاتي هنا سبق على الزمان وعلى كل سابق بالزمان، وقوله: سائر الموجودات إمّا باقيها، وهو الظاهر أو جميعها لأنّ الموجودات هنا الممكنة وهي ما سواه تعالى. قوله: (الباقي
بعد فنائها ولو بالنظر إلى ذاتها مع قطع النظر عن غيرها (يعني أنّ أبدية بقائه، وفناء كل موجود سواه لا ينافي كون بعض الموجودات إذا أوجدها الله تعالى لا تفني كالجنة، والنار ومن فيهما كما هو مقرر مبين بالآيات، والأحاديث لأن المرإد أنها فانية في حد ذاتها، وإن كانت بالنظر إلى استنادها لموجدها باقية غير فانية كما مرّ تحقيقه في قوله: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ﴾ [سورة الرحمن، الآية: ٢٦] وأيضا فناء كل ممكن بالفعل ليس بمشاهد، والذي يدل عليه الدليل إنما هو إمكانه فالبعدية في مثله بحسب التصوّر، والتقدير. قوله: (تبتدأ منه لأسباب وتنتهي إليه المسببات) يعني أوّليته بمعنى أنّ الأسباب كلها لوجود الأشياء كلها منه لأنه موجدها إذ هو مسبب الأسباب، وكونه: آخر الانتهاء المسببات كلها إليه فالأوّلية ذاتية، والآخرية بمعنى أنه إليه المرجع والمصير بقطع النظر عن البقاء، وأنه ثابت بأمر آخر، وبهذا الاعتبار فارق ما قبله. قوله: (أو الأول خارجاً والآخر دّهناً) يعني أوّليته في الخارج لأنه أوجد الأشياء كلها فهو متقدّم عليها في نفس الأمر الخارجي وآخر بحسب التعقل لأنه يستدل عليه بالموجودات الدالة على الصانع القديم كما قالوا ما رأيت شيئاً إلا رأيت الله بعده، وقال حجة الإسلام في القصد الأقصى الأوّل يكون أوّلاً بالإضافة إلى شيء، والآخر آخرا بالإضافة إلى شيء وهما متنافيان فلا يتصوّر كون شيء واحد من وجه واحد وبالإضافة إلى شيء واحد أولاً، وآخرا فاذا نظرت إلى سلسلة الموجودات فالله تعالى بالإضافة إليها أوّل لأنها استفادت الوجود منه، وهو موجود بذاته غير مستفيد للوجود من غيره فإذا نظرت في منازل السالكين فهو آخر ما ترتقي إليه درجات العارفين، وكل معرفة مرقاة لمعرفته، والمنزل الأقصى معرفة الله فهو آخر بالإضافة إلى السلوك أوّل بالإضافة إلى الوجود فمنه المبدأ واليه المصير. قوله: (الظاهر وجوده الخ) فالباطن بمعنى الخفي، والظهور باعتبار أدلة وجوده والخفاء باعتبار الوقوف على كنهه وحقيقة ذاته فإنهم متفقون على أنه لا يعلم كنه ذاته سواه فلا دليل فيه الآية على أنه لا يرى في الآخرة كما لا يرى في الدنيا كما توهمه الزمخشريّ، واليه يومئ كلام المصنف رحمه الله، وقوله: تكتنهها أي تعلم كنهها وهو بهذا المعنى صحيح قال إمام اللغة الأزهريّ في تهذيبه: الكنه نهاية الشيء وحقيقته يقال: اكتنهت الأمر اكتناها إذا بلغت كنهه اهـ، وتبعه في القاموس فلا عبرة بما في شرح المفتاح من أنّ قولهم: لا يكتنه كنهه أي لا يبلغ نهايته كلام مولد. قوله: (أو الغالب على كل شيء الخ)
فالظاهر بمعنى الغالب من قولهم ظهر عليهم إذا قهرهم وغلبهم، والباطن بمعنى العالم بما في باطن كل شيء ولم يرتض هذا الزمخشريّ لفوات التقابل فيه، ولأنّ بطته بمعنى علم باطنه غير ثابت في اللغة، وأمّا توجيهه فإنّ القدوة كثيراً ما تذكر مع العلم لكونه من شرائطها كقوله: ﴿وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ [سورة إبراهيم، الآية: ٤] ولما كان ما قبله، وما بعده في بيان القدرة تبادر ذلك في الجملة هنا فتدبر، وقوله: والواو الأولى الخ يريد أنّ الواو الأولى، والثالثة عطفت مفرداً على مفرد وأمّا الواو الثانية فإنها عطفت مجموع أمرين على مجموع آخر، وهذه الواو في المفردات كالواو العاطفة قصة على قصة في الجمل لأنها لو عطفت الظاهر وحده على أحد الأوّلين لم يحسن لعدم التناسب بينهما، والمجموع مناسب للمجموع في الاشتمال على أمرين متقابلين. قوله: (يستوي عنده الظاهر والخفي) هو من صيغة المبالغة فإنها ليست في الكمّ لأنّ قوله بكل شيء يغني عنه فهو بحسب الكيفية، وقؤة العلم