المعد للأصنام، ويراد به مجازاً الأجسام القوية، والضخم من كل شيء. قوله: (حال من الضمير الخ) في الكشاف وموضسع كأنهم خشب رفع على هم، كأنهم خثب، أو هو كلام مستأنف لا محل له، ولم يرد بالاستثناف ما هو جواب السؤال، ولم يحمله على أنه حال من الضمير كما قاله أبو البقاء، وتبعه المصنف رحمه الله كما في قوله:
فقلت عسى أن تبصريني كأنما بنيّ حواليّ الأسود الخوادر
لأنّ الحالية تفيد أنّ سماع قولهم لأنهم كالخشب المسندة، وليس كذلك، ولقائل أن
يقول لا وجه لحمله على حذف المبتدأ، لأنه مع حذفه أيضا مستأنف، وهو صالح لذلك من غير اعتبار المبتدأ وتقديره فتدبر. قوله:) في كونهم أشباحا الخ) فيه تسمح لأنه بيان لوجه الشبه المشترك بينهما، فكأن الظاهر أن يقول خالية عن الفائدة، لأنّ الخشب تكون مسندة إذا لم تكن في بناء أو دعامة لشيء آخر، كما بسطه في الكشاف. قوله:) وقيل الخشب جمع خشباء (وعلى الأوّل هي جمع خشبة كثمرة وثمر، ومعناها معروف ومرّض هذا القيل لأنه خلاف المتبادر، ولأنه لا تساعده القراءة بضمتين، لأنّ فعلاء لا يجمع على فعل بضمتين، بل على فعل ساكناً كحمراء وحمر، ولذا قدمه المصنف على ذكر قراءة التسكين، ومن غفل عنه قال: حقه أن يذكره بعد قراءة من قرأ بسكون الشين، فإنّ هذا القول منقول عن اليزيدفي في تلك القراءة، لأنّ قرأءة الأكثر بالضم تدل على أنّ هذه مخففة منها، إذ الأصل توافق القرا آت، ففيه ردّ ضمنيّ لليزيديّ أيضا، وقوله: نخر بالنون والخاء المعجمة والراء المهملة بمعنى تفتت وبلي، وفي نسخة دعر بمهملات كفرح بمعنى فسد، وهو كذلك في الكشاف، وقوله: قبح المخبر أي الباطن والخفي مما يحتاج معرفته إلى الاختبار، وقوله: على التخفيف أي تسكين المضموم ليخف في التلفظ به، وقوله: كبدن أي في أن سكونه أصلي وفيه ما مرّ فتدبر. قوله:
(لجبنهم) أي شدة خوفهم لما في طبائعهم من الجبن، وهو ضد الشجاعة، وقوله: اتهامهم أي اتهامهم لأنفسهم بمعنى علمهم بأنهم محل تهمة للنفاق، ونحوه مما يخشونه فهم منتظرون للإيقاع بهم، فالاتهام افتعال من التهمة وهي معروفة، وقوله: ويجوز أن يكون صلته أي صلة صيحة لتعلقه به لأنه يقال: صاح عليه، وهو أحد الوجوه في إعراب السمين، ومن لم يفهم المراد منه، قال المراد أنه صلة يحسبون، وفيه تسامح لأن المراد أنه نعت للمفعول الأوّل، ولا يخفى ما فيه من الخبط والخلط. قوله: (وعلى هذا يكون الضمير) وهو قوله هم، فحينئذ كان الظاهر إفراده بأن يقال: هو أو هي، لكنه أتى بضمير العقلاء المجموع لمراعاة معنى الخبر وهو مما جوزه النحاة، وهذا بناء على أنّ العدوّ يكون جمعاً ومفردا، وهو هنا جمع وهذا وإن كان خلاف المشبادر لكن في معناه من البلاغة واللطف ما لا يخفى، وهو كقول جرير:
مازلت تحسب كل شيءبعدهم خيلاتكرّعليهم ورجالا
ومنه أخذ المتنبي قوله:
وضحاقت الأرض حتى كان هاربهم إذا رأى غير شيء ظنه رجلا
ولبعض المتأخرين في نديم له:
لكل شيءرآه ظنه قدحا وكل شخص رآه ظنه الساقي
قوله: (لكن ترتب قوله الخ (لا! التحذير منهم يقتضي وصفهم بالعداوة لا بالجبن، كما
يفيده ما قبله على الوجهين والترتب من الفاء الدالة على التعقيب، وهذا الضمير للمنافقين بلا شبهة، فإذا عاد ما قبله على العدوّ لزم تفكيك الضمائر، وفي اتصال قوله: للمنافقين بقوله: قاتلهم الله إيهام لطيف لا يخفى لطفه. قوله:) وهو طلب (لأنه دعاء والدعاء من أقسام الطلب، والمطلوب منه في الدعاء هو الله فيكون طالباً من نفسه لعنهم، ويكون كما في قولك أستاذك يقول لك كذا، وهو معدود من التجريد فلا يكون من إقامة الظاهر مقام الضمير، لأنه يفوت به نضارة الكلام كما لا يخفى، وقوله: أن يلعنهم الخ إشارة إلى أن قاتل بمعنى لعن وطرد، وعلى هذا فلا طلب، وأنما المراد أن وقوع اللعن بهم مقرر لا بد منه، وقوله: أو تعليم فتقديره وقولوا الخ. قوله: الؤوا رؤوسهم) هو كناية عن التكبر والأعراض، وقوله: عن ذلك الإشارة إلى القول المذكور، أو الإتيان أو


الصفحة التالية
Icon