الموافقة فيهما إلا أنه على الأوّل اعتبر التوافق بين القلب واللسان وعلى هذا بين الحال، والمراد لله وهو على الوجوه كلها ولا يخفى أن الخضوع والإخلاص في الليل أقوى منه في النهار، وقوله: وأسد مقالاً من السداد بالسين المهملة وأحسن في تفسير مقابل الأشدّ بالأمد وقيلا فيهما مصدر لكنه في الأوّل عامّ للأذكار والأدعية وفي الثاني مخصوص بالقراءة، وحضور القلب مجاز عن عدم تشتيت الأفكار وهدّوا لأصوات بالدال المهملة سكونها وكل منهما راجع لكل مما قبله لا أنه لف ونشر إذ لا داعي للتخصيص فيه. قوله: (تقلباً في مهماتك) جمع مهمّ وأصل السبح المرّ السريع في الماء فاستعير للذهاب مطلقاً كما قاله الراغب وقوله: قرئ سبخا أي بالخاء المعجمة والنفش بالنون والفاء والشين المعجمة تفريق أجزاء ما ليس بعسر التفريق كالقطن والصوف فقوله: ونشر أجزائه تفسير له. قوله: (ودم على ذكره) فسره به لأنه لم ينسه حتى يؤمر بذكره والمراد الدوام العرفيّ لا الحقيقي لعدم إمكانه، وقوله: ليلاً ونهارا مأخوذ من ذكره مطلقا بعد تقييد ما قبله ولأنّ مقتضى السياق أنه تعميم بعد تخصيص، وقوله: كل ما يذكره من التذكير، وفي نسخة يذكر به وهي تحتمل التخفيف والتشديد، وقوله: دراسة علم يعني به العلوم الشرعية لأنها هي المذكرة بالله. قوله: (وانقطع الخ) لأنّ البتل القطع، ومنه البتول للمنقطعة عن الرجال، وقوله: جرد نفسك المراد
تفريغها عن غيره وفيه إشارة إلى ما مرّ في قوله: ﴿أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا﴾ فتذكره:
فما بالعهد من قدم
حتى يحتاج للإعادة وقوله: ولهذه الرمزة الخ يعني كان مقتضى الظاهر أن يقال: تبتل تبتلا فعدل عنه لما ذكر لمراعاة الفاصلة، وليدل على أنه ينبغي له تجريد نفسه عما سواه ومجاهدته فلذا ذكر التبتيل الدال على فعله بخلاف التبتل فإنه لا يدل إلا على قبول الفعل كالانفعال وهذا أحسن ما في الكشاف. قوله: (وقيل بإضمار حرف القسم) وجه ضعفه ظاهر لأنّ حذفه من غير ما يسدّ مسده وابقاء عمله ضعيف جداً كما بين في العربية مع أنه خص بالجلالة الكريمة نحو الله لأفعلن كذا، وقد نقل هذا التفسير عن ابن عباس رضي الله عنهما وقال أبو حيان إنه لم يصح عنه لأنّ إضمار الجارّ لم يجزه البصريون إلا مع الجلالة خاصة، ولأنّ الاسمية المنفية في جواب القسم تنفي بما لا غير، وتنفي بلا الفعلية وردّه العرب بأنّ ابن مالك أطلق في وقوع الجملة المنفية اسمية أو فعلية جوابا للقسم سواء كانت منفية بما أو لا أو إن وهو غير صحيح لأنّ كلامه في التسهيل، وإن كان ظاهره الإطلاق إلا أنه قال في شرح الكافية أنّ الجملة تقع جوابا للقسم مصدرة بلا النافية لكن يجب تكرارها إذا تقدّم خبرها أو كان المبتدأ معرفة نحو والله لا في الدار رجل، ولا امرأة ووالله لأزيد في الدار ولا عمرو فقال ثمة أبو حيان ردّا عليه إنه غلط فإنّ النحاة لم يذكروا وقوع الاسمية منفية بلا في جواب القسم فكيف يرد عليه بما يعتقده، وهما وغلطا ومن الناص! من اغتر به هنا. قوله: (مسبب عن التهليل) أي قوله: لا إله إلا هو، ولذا قال: بعده فإن توحده الخ لا يقال إنّ هذا مقتضى ألوهيته لا مقتضى الوحدانية فإنّ مقتضاها أن لا يوكل إلا إليه لأنه لو كان له سبحانه شريكا لم يستلزم ذلك أن يفوّض له الأمور لجواز تفويضها لغيره من الآلهة، وقيل المراد الاتكال النافع وهو لا يكون إلا بالتوحيد فتأمّل. قوله: (بأن تجانبهم وتداريهم اليست المجانبة مخصوصة بالقلب فإنّ الآية مكية قبل الأمر بالقتال والمكافأة المجازاة على فعلهم وكفرهم، وقوله: تكل الخ إشارة إلى اتصاله بما قبله وقوله: ﴿ذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ﴾ [سورة المزمل، الآية: ١١] هو معطوف أو الواو للمعية. قوله: (وكل إلئ أمرهم) قدم الجارّ والمجرور للتخصيص كما أشار إليه بقوله: فإنّ بي غنية عنك الخ يعني أنّ قول القائل: ذرني واياه في مقام الأمر بالاستكفاء فيه
مبالغة لأنه أمر بالترك المقتضي لعدم المنع فجعل ترك الاستكفاء منعاً وانه لو لم يكن ذلك لحصلت الكفاية قيل للإشارة إلى أنه في غاية الاقتدار عليه فقوله: ذرني والمكذبين كناية عما ذكر والتنعم الترفه، والتقلب في أنواع النعم. قوله: (زماناً الخ) يعني نصب قليلاً إمّا على الظرفية أو المصدرية وذكره للإشارة إلى أن التفعيل ليس للتكثير في الفعل ولا للتدريج بل لتكثير المفعول، وقوله: تعليل للأمر يعني لقوله: ذرني وما عطف عليه فكأنه قيل: فؤض أمرهم إليّ لأنّ عندي ما انتقم به منهم أشذ الانتقام، وقوله: الئكل بالكسر والفتح القيد الثقيل وقيل الشديد، وعن الشعبي إذا ارتفعوا استقل بهم، وقوله: طعاما ينشب في الحلق أيمما يتعلق به فلا