الناشئ من ظرفية
الأحقاب للبث بتقييد الأحقاب بشيء بخلاف ما إذا قيد اللبث المظروف فإنه لا يلزم من انتهاء زمان المقيد انتهاء زمان المطلق الظاهر بحسب المتبادر فتدبر، وقيل: لأنّ الصفة والحال متقاربان فيعلم الوصف بالقياس عليه، ولا يجب إبراز الضمير إذا كان الواقع صفة جارية على غير من هي له فعلا بالاتفاق وأنما الخلاف في اسم الفاعل وهو معروف في كتب النحو، وهو غفلة عن قول ابن مالك في شرح التسهيل المرفوع بالفعل كالمرفوع بالصفة إذا حصل الإلباس نحو زيد عمرو يضربه هو حتى اعترض الدماميني على من قيده بالصفة، وقال إنه ليس بجيد إلا أن الفرق بينهما أنّ الإبراز في الصفة واجب مطلقاً ألبس أم لا بخلاف الفعل فادعاء هذا القائل الاتفاق ناشئ من عدم النظر في المبسوطات، والذي غرّه فيه كلام الكافية وشرحها مع أنه سهو لأن ضمير يذوقون الراجع لغير من هو له الواو وهو بارز هنا لا مستتر فإن أراد بالبروز الانفصال فهو مع أنه خلاف الظاهر غير مسلم. قوله: (احتمل الخ) بين المعنى على الحالية ولم يبينه على كونه معمولاً ليذوقون لأنه خلاف الظاهر، وأنما ذكره لمجرّد احتماله لا أنه مقبول عنده حتى يعترض عليه، وكذا ما قيل: إن المراد باللابثين ما يقابل المتقين فيشمل العصاة والتناهي نظرا للمجموع. قوله: (ويجوز أن يكون جمع حقب (كحذر بمعنى محروم من النعيم، وهو حال من الضمير المستتر في لابثين وحرمانه كناية عن أنه معاقب، ولذا فسره بما بعده على أنه صفة كاشفة أو جملة مفسرة لا محل لها من الإعراب وقوله: والمراد بالببرد الخ فلا ينافي أنهم قد يعذبون بالزمهرير، وكون البرد بمعنى النوم مجاز كما قيل: منع البرد البرد، وقيل إنه لغة لبعض العرب، وقوله: مستثنى من البرد هو بناء على أنه بمعنى الزمهرير لأنه أشد البرد فإن كان بمعنى الصديد كان مستثنى من شرّابا فكان المتبادر تقديمه لكن نكتة تأخيره ما ذكر والحميم مستثنى من الشراب ففيه لف ونشر غير مرتب، والاستثناء متصل وقد جوّز فيه الانقطاع أيضا فتأمّل. قوله: (جوزوا بذلك) وفي نسخة جزوا وهو إشارة إلى أنه مفعول مطلق منصوب بفعل مقدر، ووفاقاً مصدر وافقه وهو صفة جزاء بتقدير مضاف أو بتأويله باسم الفاعل أو لقصد المبالغة على ما عرق في أمثاله، وقوله: أو وافقها وفاقا وجه آخر بجعله مصدر الفعل مقدر من لفظه كما في جزاء، ومعنى كونه موافقا لأعمالهم أنه بقدرها في الشدّة والضعف بحسب استحقاقهم كما يقتضيه عدله وحكمته والجملة من الفعل المقدّر ومعموله جملة حالية أو مستأنفة والجملة التي بعدها صفة جزاء على تقدير الفعل. قوله: (وفاقاً) بكسر الواو وتشد- د
الفاء كما ضبطه السمين، وهي قراءة شاذة لابن أبي عبلة وأبي حيوة، وقوله: وفقه يفقه بالكسر والتخفيف كورثه يرثه أي وجد. موافقاً " لحاله وهو متعد لواحد على اختلاف فيه وقيل إنه لازم لأنّ قول العرب وفق أمره يفق روي أمره بالرفع ووقع في الإيضاح بالرفع والنصب على أنه كغبن رأيه ورأيه، وحكى ابن القوطية وفق أمره أي حسن بالرفع كذا في شرح أدب الكاتب، فقول المصنف كذا ليس مفعولاً ثانياً كما توهم لأنه لم يذصب أحد من أهل اللغة إلى تعديه لمفعولين بل هو كناية عن الفاعل فوفقه بمعنى وافقه وصادفه جزاء موافقا لعمله، وليس وصف الجزاء بالوفاق وصفا بحال صاحبه. قوله: (بيان لما وافقه هذا الجزاء) المراد به ما مرّ قبيله من قوله: إن جهنم الخ ووجهه أنهم لما أنكروا البعث وجحدوا الآيات وكذبوا الرسل عذبوا بأشدّ العذاب، ولم ينفس عنهم الكرب لأن كفرهم أعظم كفر ومثله يكفي للبيان ولا حاجة لتعسف ما قيل من أن نيتهم الاستمرار على الكفر لقوله: ﴿لاَ يَرْجُونَ﴾ الخ فيوافقه عدم تناهي اللبث والعقاب، ولما بدلوا التصديق الذي به تثلج الصدور بالتكذيب جعل شرابهم الحميم والغساق إلى غير ذلك مما تكلفوه من غير داع له، وقوله: تكذيبا إشارة إلى أنه مصدر مثله. قوله: (وفعال) أي بالكسر والتشديد الخ يعني أنه مطرد كثير في مصدر فعل، وقال ابن مالك في التسهيل إنه قليل وفعال المخفف مصدر فعل لكنه مطرد في المفاعلة، وقوله: فصدقتها الخ بيت من مجر والكامل وزنه متفاعلن أربع مرات وضمير صدقتها، وكذبتها للنفس والمراد أنه يصدق نفسه تارة بأن يقول إنّ أمانيها محققة وتكذيبها بخلافه أو على العكس كما قيل:
اكذب النفس إذا حدثتها إنّ صدق النفس يزري بالأمل


الصفحة التالية
Icon