الخير لم يستحق المدح أو الثواب بتركه فتأمّل. قوله: (للمبالغة في التيسير) يسبب التكرير الدال على ذلك فالضمير للسبيل، وقوله: وتعريفه أي السبيل باللام دون أن يقول سبيله بإضافته لضمير الإنسان كما هو الظاهر إذ أربد مخرجه وكذا إذا أريد سبيل الخير والشرّ فإنه سبيله أيضاً لأنه لو قيل سبيله أوهم أنه على التوزيع وأنّ لكل إنسان سبيلاَ يخصه، وهذا جار على التوجيهين كما يشير إليه قوله وفيه على المعنى الأخير فلا وجه للقول بأنه مخصوص بالثاني، وقوله: والمقصد غيرها وهو الآخرة لأنّ السبيل عبارة عن الدنيا وهي ممر والمقرّ الآخرة، وقوله: ولذلك أي لكون المقصد غيرها عقب السبيل بالإماتة إشارة إلى أنها ليست مقرّا لأحد لعدم البقاء فيها والموت هو الوصلة لذلك المقصد فلذا عد من النعم على الوجهين أيضا. قوله: (وعد الإماتة الخ) وخصصت هذه النعم بالذكر لما فيها من ذكر أحوال الإنسان من ابتدائه إلى انتهائه وما تتضمن من النعم التي هي محض فضل من الله لأنه حقير مهين خرح من مخرح البول مرتين وتكوّن من نطفة قدرة، ثم صار وعاء للعذرة، ثم صار جيفة إكرامها دفنها فإذا تأمّل ذلك العإقل علم قبح الكفر، وكفران نعم الرب سبحانه وتعالى، وقوله: في الجملة إشارة إلى أنّ ذلك هو الأء ل، ومقتضى الفطرة واظ
اختص بالبعض كالمؤمنين. قوله: (والأمر بالقبر) أي وضع الإنسان في قبره وفيه إشارة إلى ما حققه أهل اللغة من أنّ معنى أقبر الميت أمر غيره بأن يجعله في قبره وقبره بمعنى دفنه في قبره، وفي قوله: تكرمة الخ إشارة إلى وجه مشروعيته، ودفن غيره من الجوانات بعد الموت غير مثروع بلا خلاف كما هو مدلول النظم فهو مباح لا مكروه، ولم يتعرض له الفقهاء فليحرر. قوله: (وفي إذا شاء إشعار الخ) وجه الإشعار لا كلام فيه وتخصيص النشور به دون الإماتة والإقبار لأنّ وقتهما معين إجمالاً على ما هو المعهود في الأعمال الطبيعية، وقيل: إنا نجزم بان أحدا من أبناء الزمان لا يتجاوز مائة وخمسين سنة مثلا، وليس لأحد مثل هذا الجزم في النشور. قوله: (وع للإنسان عما هو عليه) من كفران النعم المتناهي وانكاره لخالقه لكفره، وقوله: لم يقض بعد إشارة إلى أنّ لما نافية جازمة وأنّ نفيها غير منقطع والابتداء والانتهاء من نفي الماضي وعموم الإنسان وما قيل من أن المراد لم يقض من أوّل زمان تكليفه إلى زمان إماتته ما أمره به تعسف لا وجه له، وحمل لما يقض على رفع الإيجاب الكلي المساوي للسلب الجزئي دون السلب الكلي لعدم صحته فتأمّل. قوله: (اتباع للنعم الذاتية) المراد بالذاتي ما يتعلق بذاته من الذات نفسها، ولوازمها والخارجي ما يقابله فسقط ما قبل التيسير للخروج والإماتة والإقبار ليس بذأتي، وقيل: هذا تعداد للنعم المتعلقة ببقائه بعد تفصيل النعم المتعلقة بحدوثه ولا يخفى ما فيه. قوله: (استئناف مبين الخ) كأنه لما أمر بالنظر إلى ما رزقه الله من أنواع المأكولات قيل كيف أحدث ذلك وأوجده بعد أن لم يكن، وقوله: على البدل منه لأن هذه الأشياء تشتمل على تكون الطعام وحدوثه، إذ المراد لينظر الإنسان إلى صبنا الماء من السماء وضقنا الأرض لإخراج النباتات المختلفة نها وايجاده أي الطعام فالعائد مقدر، وقيل: إنه بدل كل على الادّعاء وهو تكلف بعيد والقراءة بالفتح وصلا ووقفاً وفتح روش! في الوصل وكسر في الابتداء. قوله: (أي بالنبات) أي بسبب النبات فإنه يشق الأرض بخروجه منها وهذا هو المناسب لقوله: فانبتنا الخ قيل، ويحتمل أنّ المراد شقها بالعيون على أن المراد بصب الماء أمطار المطر وبهذا إجراء الأنهار ولا يخفى أن السياق يأباه مع تكلفه، وقوله: بالكراب بكسر الكاف مصدر كربت الأرض إذا قلبتها للحرث، وهو إمّا تمثيل أو المراد ما يشمل الحفر للغرس فلا يرد عليه أن الكراب لا يلائم ما بعده من التخيل والكروم والشجر كما قيل. قوله: (وأسند) أي إلله سبحانه وتعالى الشق إلى نفسه بقوله: شققنا مجازا من الإسناد إلى السبب على الوجه
الثاني دون الأوّل وقد تبع فيه الزمخشري، وقد ردّه في الانتصاف بأنه تعالى موجد الأشياء، وخالقها فالإسناد إليه حقيقة وأنما ذكره الزمخشري اعتزالاً فإن أفعال العباد مخلوقة لهم عنده فلا ينبغي للمصنف أن يتابعه فيه، ورده المدقق في الكشف بأنه لشى مبنيا على ما ذكر بل لأن الفعل إنما يسند حقيقة لمن قام به لا لمن أوجده بدليل قوله: ﴿يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ [سورة الرعد، الآية: ٢ ا] ولذا اشتق منه اسم الفاعل وهذا مما لا شبهة فيه فالاعتراض عليه ناشئ من قلة التدبر