عادة الله في أخباره، وشأن المخبر دون أفعاله وشأن الفاعل فتدبر. قوله: (أو بما اتفق له في تلك السنة الخ) (أتول (هكذا وقع في كتب الحديث أيضاً كما ذكره البغوي مسنداً، وهو معارض لقوله في تفسير قوله: سيقول المخلفون الخ. يعني مغانم الخ فلا يكون في تلك السنة، ويدفع بأنّ التاريخ الذي جعل فيه رأس السنة المحرّم محدث في زمن عمر وضي الله عنه كما في التواريخ الصحيحة، وكان التاريخ في بدء الإسلام بمقدمه ﷺ للمدينة، وهو في ربيع الأوّل فهو رأس السنة كما في النبراس، وقال ابن القيم: قال مالك: كان فتح خيبر في السنة السادسة، والجمهور على أنه في السابعة، وقطع ابن حزم بأنها كانت في السادسة بلا شك، والخلاف مبنيّ على أنّ أوّل السنة هل هو ربيع الأوّل شهر مقدمه المدينة أو المحرّم وللناس فيه طريقان (قلت) والأوّل هو المصرّح به في الأحاديث الصحيحة وعليه ينبني ما هنا فأعرفه. قوله: (أو أخبار) ظاهره أنّ ما قبله ليس بإخبار وقد مرّ ما فيه، وما قيل من أنّ ما ذكره في تعليل الفتح بالمغفرة لا يجري هنا، ولذا أشار لمرجوحيته ليس بشيء لما أسنده البخاريّ عن البراء رضي الله عنه أنه تال: تعدون أنتم الفتح فتح مكة ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية كنا مع النبيّ ﷺ أربع عشرة مائة والحديبية بئر فنزحتاها فلم نترك منها قطرة فبلغ النبيّ ﷺ فأتاها فجلس على شفيرها ثم دعا بماء فتوضأ ثم
تمضمض، ثم صبه فيها إلى آخر القصة، وأيضا هو غفلة عن قوله بعد هذا وإنما سماه فتحاً لأنه كان بعد ظهوره الخ، ولا يخفى ما فيه من إعلاء كلمة الله تعالى وبه يتجه كون الفتح علة للمغفرة حينثذ كما لا يخفى. قوله: (وظهر له في الحديبية آية عظيمة الخ) قيل: لا يظهر له مدخل في تسمية صلحها فتحاً وليس بشيء لما سمعنه من حديث البخاري، وفي هذه المعجزة العظيمة من الظهور على المشركين ما اقتض الصلح ومناسبته للفتح في غاية الظهور لما فيهما من جامع الظهور، وقد ظهر ببركته الماء في البئر وفي البخاركط إنه نبع من بين أصابعه بوو في الركوة ولا منافاة بينهما لجواز وقوع كل منهما كما في شرح الكرماني. قوله: (وتسبب لفتح مكة) إشارة إلى أنه مجاز مرسل سمي فيه السبب باسم المسبب، وقد كان فيما قبله على الاستعارة بتشبيهه بالفتح، وقيل إنه على عكس هذا لكون الصلح مسببا عن الفتح والظهور على المشركين وفيه نظر، وقوله: أو فتح الروم الخ أشار بقوله: وقد عرف كونه فتحاً إلى وجه التجوّز فيه وتسميته فتحاً لأنّ فيه معجزة له لأنه أخبر عن الغيب فتحقق ما أخبر به في عام الحديبية ولأنه يقال به لغلبة أهل الكتاب المؤمنين، وفي ذلك من غلبته وظهور أمره ما هو بمنزلة الفتح ففي الفتح استعارة لتشبيه ظهوره بالفتح ويحتمل أن يبقى على حقيقته أي فتحنا على الروم لأجلك، وقوله: فتحا للرسول يأباه. قوله: (وقيل الفتح بمعنى القضاء) أي حكم الله والفتح يكون بهذا المعنى في اللغة، ومنه يقال للقاضي فتاح ومرّضه لبعده وعدم ما يدلّ عليه هنا. قوله: (علة للفتح) قيل قصد به الردّ على الزمخشويّ حيث جعل فتح مكة علة للمغفرة، وفيه بحث من وجوه أمّا أوّلاً فلأنّ التعليل الذي ذكرء المصنف لا يفيد إلا علية الفتح للمغفرة كما قاله: وأمّا ثانياً فلأنّ أفعاله تعالى لا تعلل بالإغراض على مذهب أهل الحق فاللام للعاقبة أو لتشبيه مدخولها بالعلة الغائية في ترتبه على متعلقها فكان تعبير الزمخشريّ أوفق للمذهب الحق، وأمّا ثالثاً: فلأنّ الغاية لها جهتا علية ومعلولية على ما تقرّر فلا لوم على من نظر إلى جهة المعلولية لظهور صحته، وهو كلام واهي ا! ناف متخلخل الأطراف إذ ليس في كلام المصنف ما يدل على الردّ بل هو تلخيص له بتغيير التعبير تفنناً كما هو دأبه أمّا الأوّل: فلأنه يصلح للعلية، والمعلولية كما اعترف به وصرّح به في الحواشي السعدية، وأمّا الثاني: فظاهر السقوط لتصريح المحققين بأنّ أفعاله تعالى وإن كانت لا تعلل بالأغراض يترتب عليها
حكم ومصالح تنزل منزلة الأغراض، ويعبر عنها بما يعبر به عنها، وقد قال النسفيّ والكرماني: إنه لا يمتنع في بعض أفعاله تعالى، وأمّا الثالث: فعليه لا له. قوله: (من حيث إنه مسبب الخ (قيل يعني ما يكون سبباً وعلة للمغفرة ينبغي أن يكون فعلا من أفعاله، والفتح ليس كذلك بل هو فعل الله فكيف يكون سبباً لاستحقاق المغفرة، وأجاب بأنّ الفتح وإن كان فعله تعالى إلا أنه لصدوره بما وقع منه من