ما هو (فهو استثناف بيانيّ وفيه إشارة إلى ترجيح الاستئناف، ولذا اقتصر عليه في الكشاف لما فيه من تكثير المعنى مع تقليل اللفظ مع ما تضمنه من بيان الاهتمام بشأنهم، وقوله: إحمادا لحالهم أي لأجل أنّ حالهم محمودة وهو تعليل للجزاء وقوله: من معرفتين يعني أولئك والذين وتعريفهما يفيد الحصر الادّعائي المفيد للمبالغة في وصفهم بما ذكر مع ما سيأتي، وايقاع اسم الإشارة مبتدأ متضمناً لما أشير إليه من اسم إنّ فيه تقوية له وتاكيد لأنه تكرير له معنى وأنّ اتصافهم با ذكر مقتضى لثبوت الخير لهم مع ما في الإشارة بما يشار به للبعيد من الدلالة على الشرف وعلو المرتبة وبعد المنزلة، وقوله: دلت صفة صلة وقوله: مبالغة الخ تعليل لقوله: أخبر الخ ووجه الدلالة فيها على ما ذكر ما مرّ من معنى الامتحان على الوجوه السابقة والاعتداد والارتضاء من حسن الجزاء، ويعلم منه ثبوت ضده لضده، وقوله: وأنّ حال المرتكب الخ من تعريف الطرفين من الدلالة على الحصر كما مرّ. قوله: (من خارجها الخ) ذهب بعض أهل اللغة إلى أن وراء من الأضداد يكون بمعنى خلف وقدام، وقال الآمدفي: في كتاب الموازنة ردّاً عليه ليست من الأضداد إنما هي من المواراة والاستتار فما استتر عنك فهو وراء خلفا كان أو قداما إذا لم تره وتشاهده فإذا رأيته لا يكون وراءك، وقوله تعالى: ﴿وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا﴾ [سورة الكهف، الآية: ٧٩] قالوا: إنه كان أمامهم وصلح لذلك لأنهم لم يشاهدوه، اهـ والى هذا أشار المصنف بقوله: من خارجها فالوراء بالنسبة لمن فيها ما كان خارجها لتواريه عمن فيها، وقول الجوهريّ: إنه من الأضداد قول آخر فلا يرد على ما ذكر كما توهم فهو مشترك معنوقي لا لفظيّ. قوله: (ومن ابتداءلية الخ) ما ذكره تبعاً للزمخشريّ حاصله الفرق بين ذكر من وحذفها فلا يجوز على الأوّل أن يجمعهما أي المنادي والمنادى الوراء فيقتضي أنّ المنادى داخل الدار،
ويجوز ذلك على الثاني لأنّ مدخول من مبتدأ الغاية، ولا يجتمع على الشيء الواحد أن يكون مبتدأ ومنتهى، واعترض عليه بأنّ من قد تكون لابتداء الغاية وانتهائها معا نحو أخذت الدراهم من زيد فزيد محل لابتداء الأخذ وانتهائه وقد صرّج به سيبويه وأيضاً أنّ المبدأ والمنتهى إن كان شخصاً يجوز جمعهما في جهة، وإن كان جهة ذات أجزاء فكذا والا فلا فرق بين دخول من وعدمه وردّ الأوّل بأن محل الانتهاء هو المتكلم ليس إلا كما ذكره ابن هشام في المغني في حرف الميم، وذكر أنّ ابن مالك قال: إنّ من فيه للمجاوزة، والثاني بما حاصله أنّ المبدأ الجهة باعتبار تلبسها بالفاعل لأنّ حرف الابتداء تعلق بالفعل ودخل على الجهة التي هي غير داخلة في مفهومه فيعتبر أنّ من للجهة، وتلبس الفاعل تحقيقاً لمقتضى الفعل والحرف، ولما وقع جميع الجهة مبدأ لم يجز كونها منتهى سواء انقسمت أو لا فإذا لم يذكر حرف الابتداء لم يرد هذا وظهر بما ذكر الفرق بينهما إلا أنّ التحقيق أنّ الفعل يتعدى من الفاعل، وينتهي إلى المفعول ويقع في الظرف ومن وراء الحجرات ظرف كصليت خلف الإمام ومن خلفه، والفرق بينهما تعسف والقسمة غير حاصرة وقد مرّ في الأعراف طرف منه، وذكر في قوله تعالى ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض أنّ في قوله: دعوته من مكان كذا يجوز كون الداعي والمدعوّ في ذلك المكان، ولا يخفى أنّ ما في الكشاف بناء على أنّ من للابتداء إذا دخلت على الظرف، وما في الكشف بناء على أنها زائدة لا فرق بين دخولها وخروجها وبعد هذا ففيه ما يحتاج إلى التحرير فتدبر. قوله: (وقرئ الحجرات الخ (إشارة إلى ما في مثله من الأسماء الجامدة الواقعة على وزان فعلة بضم الفاء وسكون العين فإنه يجوز في جمعه ثلاثة أوجه ضم العين اتباعا للفاء، وفتحها وتسكينها للتخفيف، وقوله: المحجورة بحائط أي الممنوعة عن الدخول فيها والحظيرة ما تجمع فيه، وتكون أطرافه محجورة بحطب ونحوه، وقوله: بمعنى مفعول لم يقل مفعولة وإن كان هو الظاهر لأنّ تأنيثه لفظيّ فإذا أوّل زال عنه التأنيث فتقول الغرفة المغروف لا المغروفة كما توهم إلا بتاويل لا حاجة له هنا. قوله: (والمراد الخ) فالتعريف للعهد، وقوله: وفيه أي في ذكر الحجرات كناية عن خلوته لأنها معدة لها ولم يقل حجرات نسائك ولا حجراتك توقيراً له ﷺ وتحاشياً عما يوحشه، وقوله: حجرة حجرة كقرأت النحو بابا بابا أي مفصلا فالمراد أنه للاستغراق


الصفحة التالية
Icon