وهكذا فإن السياق نفسه يحدد المراد بلفظه: «العالمين» أهو العموم لجميع المخلوقات كما في أكثر المواضع الواردة في القرآن أم الخصوص لبعضعها كما في آية الفرقان.
وكما في قوله: ﴿أَتَاتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ (١). فالمراد بهذا الذكران من عالمي زمانهم من الإنس، وهكذا.
﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾: الرحمن صفة ثانية للفظ الجلالة «الله» والرحيم صفة ثالثة له، وكل منهما مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره أو هما بدلان من لفظ الجلالة.
وهذا بعد قوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين﴾ ثناء على الله - تبارك وتعالى لقوله - عز وجل - في حديث أبي هريرة: «فإذا قال العبد (الرحمن الرحيم) قال الله: أثنى علي عبدي» رواه مسلم (٢).
و «الرحمن الرحيم»: اسمان من أسماء الله - تعالى يدل كل منهما على إثبات صفة الرحمة وأثرها، وقد تقدم الكلام عليهما مستوفى في الكلام على البسملة (٣).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (٤) بعدما بين أن اسم «الله» أحق بالعبادة، وأن اسم «الرب» أحق بالاستعانة - قال: «والاسم «الرحمن»
_________
(١) سورة الشعراء، الآية: ١٦٥.
(٢) سبق تخريجه في ذكر أسماء الفاتحة في المبحث الثاني من هذا الباب.
(٣) في المبحث الثاني من الفصل الثاني من الباب الأول.
(٤) في «مجموع الفتاوى» ١٤: ١٣، وانظر «دقائق التفسير» ١: ١٧٧.