إياك» في الموضعين نفي للعبادة عن الغير الله، ونفي للاستعانة بغيره.
وفي قوله: «نعبد» و «نستعين» إثبات العبادة والاستعانة له سبحانه.
قال ابن القيم - رحمه الله - في «مدارج السالكين» (١): «فهو في قوة لا نعبد إلا إياك ولا نستعين إلا بك.. مع أن في ضمير «إياك» الإشارة إلى نفس الذات والحقيقة ما ليس في الضمير المتصل، ففي «إياك» قصدت وأحببت من» الدلالة على معنى حقيقتك وذاتك قصدي ما ليس في قولك: «قصدتك وأحببتك..»
وكرر الضمير «إياك» مرة أخرى للاهتمام (٢)، ولأن ذلك أفصح (٣).
قال ابن القيم (٤): وفي إعادة «إياك» مرة أخرى دلالة على تعلق هذه الأمور بكل من الفعلان، ففي إعادة الضمير من قوة الاقتضاء لذلك ما ليس في حذفه فإذا قلت لملك مثلا: «إياك احب، وإياك أخاف وإياك أخاف» كان فيه من اختصاص الحب والخوف بذاته والاهتمام بذكره ما ليس في قوله: «إياك أحب وأخاف».
وفي قوله ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ بعد الآيات الثلاث التفات من الغيبة إلى الخطاب كقوله - تعالى -
_________
(١) ١: ١٠٢.
(٢) انظر: «المحرر الوجيز» ١: ٧٥، «الجامع لأحكام القرآن» ١: ١٤٥.
(٣) انظر: «تفسير الطبري» ١: ١٦٤.
(٤) في «مدارج السالكين» ١: ١٠٣، وانظر: «التفسير القيم» ص٦٨، «البحر المحيط» ١: ٢٥.


الصفحة التالية
Icon