أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ} (١)، فإنما أمر الله بتقديم الاستعاذة قبل القراءة لهذه العلة».
بل حكي الإجماع عليه.
قال مكي في كتابه «الكشف عن وجوه القراءات السبع» (٢): «فإن قيل: فإن ظاهر النص أن يتعوذ القارئ بعد القراءة، لأنه قال ﴿فَإِذَا قَرَاتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ﴾ والفاء بعدما قبلها، تتبعه هو أصلها، فالجواب: أن المعنى على خلاف الظاهر، معناه: فإذا أردت قراءة القرآن فاستعذ بالله، ودل على ذلك الإجماع أن الاستعاذة قبل القراءة، ودليل هذا المعنى قوله تعالى: ﴿وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَاسُنَا﴾ (٣)، فوقع في ظاهر التلاوة أن مجيء البأس بعد الهلاك، وليس المعنى على ذلك، إنما معناه: وكم من قرية أردنا إهلاكها، فجاءها بأسنا. فمجيء البأس، بعد إرادة الهلاك، وقبل الهلاك، وكذلك التعوذ، المأمور به، يكون بعد إرادة القراءة، وقبل القراءة، على أصل الفاء».
وقد ضعف ابن الجزري (٤) صحة المروي في هذا، عن حمزة وأبي حاتم، وأبي هريرة وابن سيرين والنخعي، في أنها بعد القراءة، وقال: «محلها قبل القراءة إجماعًا، ولا يصح قول، بخلافه، عن أحد ممن
_________
(١) سورة الحج، الآية: ٤.
(٢) ٩: ١.
(٣) سورة الأعراف، الآية: (٤).
(٤) في «النشر»
١: (٢٥٤)، وأنظر: «المحلي» ٥٠: ٣، «المبسوط» ١٣: ١، «أحكام القرآن» لابن العربي ١١٧٥: ٣ - ١١٧٦، «تفسير ابن كثير» ٣٠: ١.


الصفحة التالية
Icon