﴿بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ البلد هنا مكة، وأقسم الله بها لشرفها وعظمها، فهي أعظم بقاع الأرض حرمة، وأحب بقاع الأرض إلى الله عز وجل.
﴿وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ وأقسم الله بهذا البلد وهو مكة، الذي أنت مقيم به يا محمد تشريفًا لك وتعظيمًا لقدرك.
﴿وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ﴾ يقسم سبحانه بالوالد وأولاده وما تناسل منهما تنبيهًا على عظم آية التناسل والتوالد ودلالتها على قدرة الله وحكمته وهو سبحانه أقسم على حال الإنسان، وأقسم بالبلد الأمين وهو مكة ثم أقسم بالوالد وما ولد، وهو آدم وذريته، وعلى هذا فقد تضمن القسم أصل المكان وأصل السكان، فمرجع البلاد إلى مكة، ومرجع العباد إلى آدم.
﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ جواب القسم، مؤكد بثلاثة مؤكدات، وهي: القسم واللام وقد.
﴿خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ﴾ الإنسان اسم جنس يشمل كل واحد من بني آدم.
﴿فِي كَبَدٍ﴾ مكابدة الأشياء ومعاناتها وشدتها، والآية تسلية لرسول الله - ﷺ - مما كان يكابده من كفار مكة.
ثم ذكر سبحانه في الآية التالية طبيعة الإنسان الجاحد بقدرة الله، والمكذب للبعث والنشور فقال تعالى:
﴿أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ﴾ أي: أن الإنسان في نفسه وقوته يظن أن لن يبعث، ولا يقدر عليه أحد، ولا ينتقم منه أحد، وأتى ههنا بـ"لن"، الدالة على الاستقبال في مقابلة قوله تعالى: ﴿أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا﴾ فإن ذلك في الماضي.
﴿يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا﴾ أي: أنفق مالاً كثيرًا في شهواته وفي ملذاته، وسمى الله عز وجل، الإنفاق في الشهوات والمعاصي إهلاكًا؛


الصفحة التالية
Icon