النهار، هو الذي فلق ظلمة الجهل والشرك بنور الوحي والنبوة، وكذلك فإنه سبحانه اقتضت رحمته أن لا يترك عباده في ظلمة الليل سرمدًا، بل هداهم بضوء النهار إلى مصالحهم ومعايشهم لا يليق به أن يتركهم في ظلمة الجهل والغي، بل يهديهم بنور الوحي والنبوة إلى مصالح دنياهم وآخرتهم قال تعالى:
﴿وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى * وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى * أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى * فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ * وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾.
﴿وَالضُّحَى﴾ أقسم الله عز وجل بالضحى هو أول النهار، وهو اسم لوقت ارتفاع الشمس.
﴿وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾ وأقسم كذلك بالليل إذا سجى، أي: الليل إذا غطى الأرض وسدل عليها ظلامه.
﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ﴾ جواب القسم، أي: ما تركك وأهملك وما قطعت قطع المودع، ولم يقطع عنك الوحي، بل أنت في عنايته ورعايته سبحانه.
﴿وَمَا قَلَى﴾ أي: وما أبغضك.
﴿وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى﴾ هذه الجملة مؤكدة باللام، لام الابتداء وما زال - ﷺ - يصعد في درج المعالي في الدنيا، ويمكن له الله دينه وينصره على أعدائه، ويسدد له أحواله ثم في الآخرة الجنة خير لك من الدنيا، هذا مع ما قد أوتي في الدنيا من شرف النبوة، والآخرة باقية والدنيا فانية.