﴿ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ﴾ للمبالغة في التأكيد والتشديد، وسوف يتأكد لهم صدق ما جاء به محمد - ﷺ - من القرآن والبعث، وهذا تهديد ووعيد لهم.
ثم بين - تعالى- قدرته العظيمة على خلقه، وذكر بعض نعمه على عباده ليقرر هذه النعم فيلزمهم شكرها، وهي أمور محسوسة ملموسة يتبين فيها قدرة الله عز وجل وعظيم صنعه التي لو فكر فيها الكفار، لما وقع منهم اختلاف في النبأ العظيم الذي جاءهم من عند الله فقال سبحانه:
﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا﴾ أي: جعل الله الأرض ممهدة للخلق معدة للحياة، ليست بالصلبة التي لا يستطيعون حرثها ولا المشي عليها إلا بصعوبة، وليست باللينة الرخوة التي لا ينتفعون بها، ولا يستقرون عليها ولكنها ممهدة لهم على حسب مصالحهم وعلى حسب ما ينتفعون به.
﴿وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا﴾ أي: جعلها الله تعالى أوتادًا للأرض بمنزلة الوتد للخيمة حيث يثبتها فتثبت به ولا تضطرب.
﴿وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا﴾ أي: أصنافًا ما بين ذكر وأنثى، وصغير وكبير، وأسود وأحمر، وشقي وسعيد إلى غير ذلك مما يختلف الناس فيه، فهم أزواج مختلفون على حسب ما أراد الله عز وجل، واقتضته حكمته ليعتبر الناس بقدرة الله تعالى، وأنه قادر على أن يجعل هذا البشر الذين خلقوا من مادة واحدة ومن أب واحد على هذه الأصناف المتنوعة المتباينة.
﴿وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا﴾ أي: جعل الله عز وجل، النوم راحة لأبدانكم قاطعًا للتعب والأشغال.
والسبت القطع، فالنوم يقطع ما سبقه من التعب، وهذا من النعمة وهو أيضًا من آيات الله، كما قال تعالى.


الصفحة التالية
Icon