فأخرج الكلام معه مخرج السؤال والعرض، لا مخرج الأمر، وقال: ﴿إِلَى أَنْ تَزَكَّى﴾ ولم يقل: إلى أن أزكيك، فنسب الفعل إليه هو، وذكر لفظ التزكي دون غيره لما فيه من البركة والخير والنماء، ثم قال:
﴿وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ﴾ أكون كالدليل بين يديك الذي يسير أمامك.
ثم ذكر الله عز وجل مع هذه الدعوة الرفيعة أنه أراه المعجزات الباهرات والآيات العظيمات فقال تعالى.
﴿فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى﴾ في الكلام محذوف، أي: فذهب موسى إليه ودعاه وكلمه، فلما امتنع أرى موسى فرعون الآية الكبرى، أي العظمى، والآية أن معه عصًا من خشب من فروع الشجر، فكان إذا وضعها في الأرض صارت حية تسعى ثم يحملها فتعود عصا.
﴿فَكَذَّبَ وَعَصَى﴾ كذب الخبر، وعصى الأمر.
﴿ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى﴾ أي تولى مدبرًا يسعى حثيثًا في الكيد، والمحاولة ومبارزة الحق ومحاربته.
﴿فَحَشَرَ فَنَادَى﴾ حشر الناس، أي: جمعهم ونادى فيهم بصوت مرتفع ليكون ذلك أبلغ في نهيهم عما يريد منهم موسى عليهم الصلاة والسلام.
﴿فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ يعني: لا أحد فوقي فأذعنوا له وأقروا بباطله حين استخفهم.
﴿فَأَخَذَهُ اللهُ﴾ أخذه الله تعالى أخذ عزيز مقتدر جزاء إعراضه عن الحق.
﴿نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾ أي: أخذه الله فنكل به نكال الآخرة وهو عذاب النار، ونكال الأولى وهو عذاب الدنيا بالغرق.