﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً﴾ أي: فيما جرى من إرسال موسى إلى فرعون ومحاورته إياه، واستهتار فرعون به، واستكباره عن الانقياد في ذلك كله عبرة.
﴿لِمَنْ يَخْشَى﴾ أي: أن هذه العبرة والموعظة ينتفع بها من يخشى الله عز وجل ويخافه.
ثم لما انتهى الحديث عن قصة الطاغية فرعون رجع إلى منكري البعث من كفار قريش، ومع علم المشركين بأن الله هو خالق السموات والأرض، الرزاق المحيي والمميت إلا أنهم ينكرون البعث بعد الموت بعد أن تحولت أجسادهم إلى عظام بالية؛ فرد سبحانه عليهم بأن الذي خلق السموات والأرض مع عظمتها لن يعجزه بعث الإنسان ذي الجرم الصغير، فإنه لا شيء في حجمه مقارنة بالسموات والأرض، وفي هذا تقرير لهم بوجوب الإيمان بالبعث بعد الموت، وبين كيفية خلقه للسماء بجمل متعاقبة فقال سبحانه: ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ﴾.
﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ﴾ هذا الاستفهام لتقرير إمكان البعث؛ لأن المشركين كذبوا النبي - ﷺ - بالبعث، أي: أأنتم أيها البشر؛ أخلقكم بعد الموت وبعثكم أشد في تقديركم، أم خلق السماء ذات الجرم العظيم والخلق القوي والارتفاع الباهر؟
﴿بَنَاهَا﴾ أي بناها الله عز وجل وشيدها عالية رفيعة.


الصفحة التالية
Icon