﴿مِنْ رَحِيقٍ﴾ أي: من شراب خالص من الخمر لا شوب فيه ولا ضرر فيه على العقل.
﴿مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ أي: بقيه وآخره مسك، أي طيب الريح.
﴿وَفِي ذَلِكَ﴾ أي: وفي هذا الثواب والجزاء والنعيم المقيم.
﴿فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ *﴾ أي: وفي هذا الثواب والجزاء فليتسابق المتسابقون سباقًا يصل بهم إلى حد النفس، والتنافس: التشاجر على الشيء والتنازع فيه، فيريده كل واحد لنفسه، ويضن به لعظم منزلتهم وما ينالهم من النعيم، عكس حال المطففين الذين يتنافسون على جمع حطام الدنيا من أوجه محرمة، ومن أكل أموال الناس بالباطل.
﴿وَمِزَاجُهُ﴾ أي: مزاج هذا الشرب الذي يسقاه هؤلاء الأبرار.
﴿مِنْ تَسْنِيمٍ﴾ أي: من عين رفيعة معنى وحسًا.
﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ﴾ أي: أن هذه العين والمياه النابعة والأنهار الجارية يشرب منها ويروى بها المقربون.
وبعد سياق هذا النعيم المقيم وما فيه من النعم والكرامة، يذكر الله عز وجل حال وموقف الفجار من المسلمين الذين يسخرون من الذين آمنوا في الدنيا، وختم بأن الجزاء من جنس العمل، حيث ذكر حال هؤلاء المجرمين المستهزئين في الدنيا بالمؤمنين، ثم ذكر حال المؤمنين يوم القيامة يتفرجون عليهم وهم يعذبون وفي تقديم النعيم والجزاء قبل ذكر الأذى والاستهزاء مدعاة إلى الصبر والتحمل، قال تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ