الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} (١). [صحيح]
* عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن الله -عزّ وجلّ- أنزل: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾. قال ابن عباس: أنزلها الله في الطائفتين من اليهود، وكانت إحداهما قد قهرت الأخرى في الجاهلية حتى ارتضوا واصطلحوا على أن كلّ قتيل قتلته (العزيزةُ) من (الذليلة) فديّتُه خمسون وسقًا، وكل قتيل قتلته (الذليلة) من (العزيزة) فديّته مائة وسق، فكانوا على ذلك، حتى قدم النبي - ﷺ - المدينة، فذلّت الطائفتان كلتاهما لمقدم رسول الله - ﷺ -، ويومئذ لم يظهر، ولم يوطئهما عليه، وهو في الصلح، فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلًا، فأرسلت (العزيزة) إلى (الذليلة) أن ابعثوا إلينا بمائة وسْقٍ، فقالت (الذليلة): وهل كان هذا في حيّين قط دينهما واحد، ونسبهما واحد، وبلدهما واحد، دية بعضهم نصف دية بعض؟! إنا إنما أعطيناكم هذا ضيماً منكم لنا، وفرقاً منكم، فأما إذ قدم محمد؛ فلا نعطيكم ذلك، فكادت الحرب تهيج بينهما، ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله - ﷺ - بينهم، ثم ذكرت (العزيزة) فقالت: والله ما محمدٌ بمعطيكم منهم ضعف ما يعطيهم منكم، ولقد صدقوا، ما أعطونا هذا إلا ضيماً منا، وقهراً لهم، فدسّوا إلى محمد من يخبر لكم رأيه؛ إن أعطاكم ما تريدون حكّمتموه، وإن لم يعطكم حذرتم فلم تحكّموه. فدسّوا إلى رسول الله - ﷺ - ناساً من المنافقين ليخبروا لهم رأي رسول الله - ﷺ -، فلما جاء رسول الله - ﷺ - أخبر الله رسوله بأمرهم كله وما أرادوا؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ

(١) أخرجه مسلم (رقم ١٧٠٠).


الصفحة التالية
Icon