حديثك كيف كان بدء إسلامك؟ قال: فقال سلمان: كنت يتيماً من رام هرمز، وكان ابن دهقان رام هرمز يختلف إلى معلم يعلمه فلزمته لأكون في كنفه، وكان لي أخ أكبر مني وكان مستغنياً بنفسه وكنت غلاماً قصيراً، وكان إذا قام من مجلسه تفرق من يحفظهم، فإذا تفرقوا خرج فيضع بثوبه ثم صعد الجبل، وكان يفعل ذلك غير مرة متنكراً. قال: فقلت له: إنك تفعل كذا وكذا فلِمَ لا تذهب بي معك؟ قال: أنت غلام وأخاف أن يظهر منك شيء، قال: قلت: لا تخف، قال: فإن في هذا الجبل قوماً في برطيلهم لهم عبادة ولهم صلاح، يذكرون الله -تعالي- ويذكرون الآخرة ويزعمون أنّا عبدة النيران، وعبدة الأوثان وأنا على دينهم، قال: قلت: فاذهب بي معك إليهم، قال: لا أقدر على ذلك حتى أستأمرهم وأنا أخاف أن يظهر منك شيء، فيعلم أبي؛ فيقتل القوم؛ فيكون هلاكهم على يدي، قال: قلت: لن يظهر مني ذلك فاستأمرهم فأتاهم، فقال: غلام عندي يتيم فأحب أن يأتيكم ويسمع كلامكم، قالوا: إن كنت تثق به، قال: أرجو أن لا يجيئ منه إلا ما أحب، قالوا: فجئ به، فقال لي: قد استأذنت في أن تجيئ معي فإذا كانت الساعة التي رأيتني أخرج فيها فأتني، ولا يعلم بك أحد فإن أبي إن علم بهم؛ قتلهم.
قال: فلما كانت الساعة التي يخرج؛ تبعته، فصعدنا الجبل فانتهينا إليهم؛ فإذا هم في برطيلهم، قال: علي وأراه قال: وهم ستة أو سبعة، قال: وكأن الروح قد خرج منهم من العبادة؛ يصومون النهار، ويقومون الليل، ويأكلون عند السحر ما وجدوا، فقعدنا إليهم، فأثنى الدهقان على خيراً. فتكلموا؛ فحمدوا الله، وأثنوا عليه، وذكروا من مضى من الرسل والأنبياء، حتى خلصوا إلى ذكر عيسى ابن مريم -عليه السلام-، فقالوا: بعث الله -تعالى- عيسى -عليه السلام- رسولاً، وسخّر له ما كان يفعل؛ من إحياء الموتى، وخلق الطير، وإبراء الأكمه والأبرص والأعمى، فكفر به قوم وتبعه قوم، وإنما كان عبد الله ورسوله ابتلى به خلقه، قال: وقالوا قبل ذلك: يا غلام! إن لك لرباً، وإن لك معادًا، وإن بين يديك جنة وناراً إليها تصيرون، وإن هؤلاء القوم الذين


الصفحة التالية
Icon