والله! لا نسأل رسول الله - ﷺ - شيئاً أبداً ليس عنده، ثم اعتزلهن شهراً أو تسعاً وعشرين، ثم نزلت عليه هذه الآية: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (٢٩)﴾، قال: فبدأ بعائشة فقال: "يا عائشة! إني أريد أن أعرض عليك أمراً أُحب أن لا تعجلي فيه؛ حتى تستشري أبويك"، قالت: وما هو يا رسول الله؟! فتلا عليها الآية، قالت: أفيك يا رسول الله! أستشير أبوي؟! بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة، وأسألك أن لا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت، قال: "لا تسألني امرأة إلا أخبرتها؛ إن الله لم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً، ولكن بعثني معلماً ميسراً" (١). [صحيح]
* عن أبي سلمة الحضرمي؛ قال: جلست مع أبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله وهما يتحدثان، وقد ذهب بصر جابر، فجاء رجل فسلّم ثمّ جلس، فقال: يا أبا عبد الله! أرسلني إليك عروة بن الزبير أسألك فيم هجر رسول الله - ﷺ - نسائه؟ فقال جابر: تركنا رسول الله يوماً وليلة لم يخرج إلى الصلاة؛ فأخذنا ما تقدم وما تأخر، فاجتمعنا ببابه نتكلم؛ ليسمع كلامنا ويعلم مكاننا، فأطلنا الوقوف فلم يأذن لنا ولم يخرج إلينا، قال: فقلنا: قد علم رسول الله مكانكم، ولو أراد أن يأذن لكم لأذن، فتفرقوا لا تؤذوه، فتفرق الناس غير عمر بن الخطاب يتنحنح ويتكلم ويستأذن، حتى أذن له رسول الله، قال عمر: فدخلت عليه وهو واضع يده على خده أعرف به الكآبة، فقلت: أي نبي الله! بأبي أنت وأمي ما الذي رابك وما لقي الناس بعدك من فقدهم لرؤيتك؟! فقال: "يا عمر! يسألني أولاء ما ليس عندي"؛ يعني: نساءه، فذاك الذي بلغ مني ما ترى"، فقلت: يا نبي الله! قد صككت جميلة بنت ثابت صكة ألصقت خدها منها

(١) أخرجه مسلم في "صحيحه" (رقم ١٤٧٨).


الصفحة التالية
Icon