* عن عُروة؛ قال: وأقبل رسول الله - ﷺ - من الحديبية راجعاً، فقال رجالٌ من أصحاب رسول الله - ﷺ -: ما هذا بفتح؛ لقد صُددنا عن البيت وصُدَّ هديُنا. وعكف رسول الله - ﷺ - بالحديبية، ورَدّ رسول الله - ﷺ - رجلين من المسلمين خَرجَا، فبلغ رسول الله - ﷺ - قول رجال من أصحابه: إِن هذا ليس بفتح، فقال رسول الله - ﷺ -: "بئس الكلام! هذا أعظم الفتح؛ لقد رضي المشركون أن يدفعوكم بالراح عن بلادهم، ويسألونكم القضية، ويرغبون إليكم في الأمان، وقد رأوا منكم ما كرهوا وقد أظفركم الله -عزّ وجلّ- عليهم، وردكم سالمين غانمين مأجورين؛ فهذا أعظم الفتوح، أنسيتم يوم أحد: ﴿إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ﴾ [آل عمران: ١٥٣]، وأنا أدعوكم في أُخراكم، أنسيتم يوم الأحزاب ﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا (١٠)﴾ [الأحزاب: ١٠]؟ "، قال المسلمون: صدق الله ورسوله، هو أعظمُ الفتوح، والله يا نبي الله! ما فكرنا فيما فكرت فيه، ولأنت أعلم بالله -عزّ وجلّ- وبالأمور منا، وأنزل الله -عزّ وجلّ- سورة الفتح: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١)﴾ إلى قوله: ﴿صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾؛ فبشَّر الله -عزّ وجلّ- نبيه - ﷺ - بمغفرته، وتمام نعمته، وفي طاعة من أطاع، ونفاق من نافق، ثم ذكر ما المنافقون معتلون به إذا أتوا رسول الله - ﷺ -، وأخبرهم أنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، وإنما منعهم من الخروج معه أنَّهم ظنوا أن لَنْ يرجع الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبداً، وظنوا السوء، ثم ذكر أنهم إذا انطلقوا إلى مغانم ليأخذوها؛ التمسوا الخروج معهم لعرض الدنيا، ثم ذكر أن المنافقين سيدعون إلى قوم أولي بأس شديد، يقاتلونهم أو يسلمون ما يبتليهم، فإن أطاعوا؛ أثابوا على الطاعة، وإن تولوا كفعلهم أول مرة؛ عذبهم عذاباً أليماً، ثم ذكر من بايع تحت الشجرة، ثم ذكر ما أثابهم على ذلك من الفتح، والمغانم الكثيرة، وعجّل لهم مغانم كثيرة، ثم ذكر نعمته عليهم بكف أيدي العدو عنهم، ثم بشَّره - ﷺ - بمكة أنه قد أحاط بها، ثم