كما يشرب الوحش، فإن قدرتم علينا في أرضكم؛ فاقتلونا، وقالت طائفة منهم: ابنوا لنا دوراً في الفيافي ونحتفر الآبار ونحترث البقول؛ فلا نرد عليكم، ولا نمر بكم، وليس أحد من القبائل إلا وله حميم فيهم، قال: ففعلوا ذلك؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾، والآخرون قالوا: نتعبد كما تعبد فلان، ونسيح كما ساح فلان، ونتخذ دوراً كما اتخذ فلان، وهم على شركهم لا علم لهم بإيمان الذين اقتدوا به، فلما بعث الله النبي - ﷺ - ولم يبق منهم إلا القليل؛ انحط رجل من صومعته، وجاء سائح من سياحته، وصاحب الدير من ديره، فآمنوا به وصدقوه؛ فقال الله -تبارك وتعالى-: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾: أجرين؛ بإيمانهم بعيسى ابن مريم، وتصديقهم بالتوراة والإنجيل، وبإيمانهم بمحمد - ﷺ - وتصديقهم، قال: ﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ﴾: القرآن واتباعهم النبي - ﷺ -، قال: ﴿لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ﴾ الذين يتشبهون بكم ﴿أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ (١). [حسن]
* ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٨)﴾.
قلنا: وهذا إسناد حسن؛ رجاله ثقات، وفي عطاء كلام وكان قد اختلط؛ لكن سماع الثوري منه قديم.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (٨/ ٦٥) وزاد نسبته للحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" وابن المنذر وابن مردويه.