حبراً من يهود، حتى إذا برزوا في براز من الأرض؛ قال بعض اليهود لبعض: كيف تخلصون إليه، ومعه ثلاثون رجلاً من أصحابه، كلهم يحب أن يموت قبله؟ فأرسلوا إليه: كيف تفهم ونفهم، ونحن ستون رجلاً؟ أخرج في ثلاثة من أصحابك، ويخرج إليك ثلاثة من علمائنا فليسمعوا منك، فإن آمنوا بك؛ آمنا كلنا وصدقناك، فخرج النبي - ﷺ - في ثلاثة نفر من أصحابه، واشتملوا على الخناجر، وأرادوا الفتك برسول الله - ﷺ -، فأرسلت امرأة ناصحة من بني النضير إلى بني أخيها، وهو رجل مسلم من الأنصار، فأخبرته خبر ما أرادت بنو النضير إلى بني أخيها، فأخبرته خبر ما أرادت بنو النضير من الغدر برسول الله - ﷺ -؛ فأقبل أخوها سريعاً، حتى أدرك النبي - ﷺ - فساره بخبرهم قبل أن يصل النبي - ﷺ - إليهم؛ فرجع النبي - ﷺ -، فلما كان من الغد؛ غدا عليهم رسول الله - ﷺ - بالكتائب، فحاصرهم وقال لهم: "إنكم لا تأمنون عندي إلا بعهد تعاهدوني عليه"؛ فأبوا أن يعطوه عهداً؛ فقاتلهم يومهم ذلك هو والمسلمون، ثم غدا الغد على بني قريظة بالخيل والكتائب، وترك بني النضير، ودعاهم إلى أن يعاهدوه؛ فعاهدوه، فانصرف عنهم، وغدا إلى بني النضير بالكتائب، فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء، وعلى أن لهم ما أقلت الإبل إلا الحلقة، والحلقة: السلاح، فجاءت بنو النضير، واحتملوا ما أقلّت الإبل من أمتعهم وأبواب بيوتهم وخشبها، فكانوا يخربون بيوتهم، فيهدمونها فيحملون ما وافقهم من خشبها، وكان جلاؤهم ذلك أول حشر الناس إلى الشام، وكان بنو النضر من سبط من أسباط بني إسرائيل لم يصبهم جلاء منذ كتب الله على بني إسرائيل الجلاء؛ فلذلك أجلاهم رسول الله - ﷺ -، فلولا ما كتب الله عليهم من الجلاء؛ لعذبهم في الدنيا كما عذبت بنو قريظة؛ فأنزل الله: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١)﴾ حتى بلغ: ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، وكانت نخل بني النضير لرسول الله - ﷺ - خاصة، فأعطاه الله إياها وخصه بها، فقال: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ