رسول الله - ﷺ -؟ فقالت: ما لي وما لك يا ابن الخطاب؟! عليك بعيبتك، قال: فدخلت على حفصة بنت عمر؛ فقلت لها: يا حفصة! أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله - ﷺ -؟ والله؛ لقد علمت أن رسول الله لا يحبك، ولولا أنا؛ لطلقك رسول الله - ﷺ -؛ فبكت أشد البكاء، فقلت لها: أين رسول الله - ﷺ -؟ قالت: هو في خزانته في المشربة؛ فدخلت، فإذا أنا برباح غلام رسول الله - ﷺ - قاعداً على أسكفة المشربة مدل رجليه على نقير من خشب، وهو جذع يرقى عليه رسول الله - ﷺ - وينحدر، فناديت: يا رباح! استأذن لي عندك على رسول الله - ﷺ -؛ فنظر رباح إلى الغرفة، ثم نظر إليّ فلم يقل شيئاً. ثم قلت: يا رباح! استأذن لي عندك على رسول الله - ﷺ -. فنظر رباح إلى الغرفة، ثم نظر إليَّ فلم يقل شيئاً.
ثم رفعت صوتي؛ فقلت: يا رباح! استأذن لي عندك على رسول الله - ﷺ -؛ فإني أظن أن رسول الله - ﷺ - ظن أني جئت من أجل حفصة، والله؛ لئن أمرني رسول الله - ﷺ - بضرب عنقها؛ لأضربن عنقها، ورفعت صوتي، فأومأ إليّ أن ارقه، فدخلت على رسول الله - ﷺ - وهو مضطجع على حصير فجلست، فأدنى عليه إزاره، وليس عليه غيره، وإذا الحصير قد أثر في جنبه، فنظرت ببصري في خزانة رسول الله - ﷺ - فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع، ومثلها قرظاً في ناحية الغرفة، وإذا أفيق معلق، قال: فابتدرت عيناي، قال: "ما يبكيك يا ابن الخطاب؟! "، قلت: يا نبي الله! ومالي لا أبكي؟ وهذا الحصير قد أثر في جنبك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى، وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار، وأنت رسول الله - ﷺ -، وصفوته، وهذه خزانتك؛ فقال: "يا ابن الخطاب! ألا ترى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا؟ "، قلت: بلى، قال: ودخلت عليه حين دخلت وأنا أرى في وجهه الغضب، فقلت: يا رسول الله! ما يشق عليك من شأن النساء؟ فإن كنت طلقتهن؛ فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل، وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك، وقلما