القرآن إجمال القصة، من غير بسط ولا إطناب فيها، فنحن نؤمن بما ورد في القرآن، على ما أراده الله تعالى، والله أعلم بحقيقة الحال".
وأشار إلى القصة في (البداية والنهاية) ١: ٨٣ وقال: "وقد روى الإمام أحمد وابن حبان في صحيحه في ذلك حديثا، رواه أحمد عن يحيى بن أبي بكير، عن زهير بن محمد، عن موسى بن جبير، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، -وذكر القصة بطولها.. - وقد رواه عبد الرزاق في تفسيره، عن الثوري، عن موسى بن عقبة، عن سالم، عن كعب الأحبار به، وهذا أصح وأثبت".
وقابل هؤلاء: ابن حبان، فصححه مرفوعًا، حيث أخرجه في صحيحه. وتجلد الحافظ ابن حجر في الدفاع عن هذه القصة، والانتصار لتقويتها، فقال في (القول المسدد) ص ٣٩ - بعد أن ذكر حديث ابن عمر وما قيل فيه-: "وله طرق كثيرة، جمعتها في جزء مفرد، يكاد الواقف عليه أن يقطع وقوع هذه القصة، لكثرة الطرق الواردة فيها، وقوة مخارج أكثرها، والله أعلم"، وانظر: (فيض القدير) ١: ١٨١.
وقال -في (فتح الباري) ١٠: ٢٣٥ - :"وقصة هاروت وماروت، جاءت بسند حسن، من حديث ابن عمر، في مسند أحمد. وأطنب الطبري في إيراد طرقها، بحيث يقضى بمجموعها على أن للقصة أصلا، خلافًا لمن زعم بطلانها، كعياض ومن تبعه".
وأشار في (العجاب) ١: ٣٢٦ إلى ترجيح بعض الأئمة لرواية سالم عن أبيه عن كعب، على رواية نافع بالرفع، وقال: "لو لم يرد في ذلك غير هاتين الروايتين؛ لسلمت أن رواية سالم أولى من رواية نافع، لكن جاء ذلك من عدة طرق عن ابن عمر، ثم من عدة طرف عن الصحابة، ومجوع ذلك يقضي بأن للقضية أصلا أصيلا، والله أعلم".
وذكر وجها للجمع بينهما، فقال ١: ٣٢٦: "رواية كعب مختصرة جدًا، فيحتمل أن يكون ابن عمر استظهر برواية كعب؛ لكونها توافق ما حمله ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-".