المبحث الأول أهمية الرجوع للسنة في تفسير القرآن الكريم
يعد الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- بلا خلاف- المفسرَ الأول، والمرجعَ المقدم في بيان معاني كلام الله تعالى، وذلك لأنه مؤيدٌ بالوحي، وهو أعلمُ الناس بربه جل وعلا، ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)﴾ [النجم: ٣، ٤]، وبين الله تعالى أن مهمةَ الرسول الكريم: بيانُ هذا الذكر الحكيم، فقال جل وعلا: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤)﴾ [النحل: ٤٤].
قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: (ما من شيء إلا بُيِّن لنا في القرآن، ولكن فهمنا يقصر عن إدراكه، فلذلك قال تعالى: ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾) (١).
وقال الإمام أحمد رحمه الله: "السنة عندنا آثار رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والسنة تفسر القرآن، وهي دلائل القرآن" (٢).
وقال أبو عمرو بن العلاء -أحد القراء السبعة-: "الحديث يفسر القرآن" (٣).
وقال عبد الرحمن بن مهدي -رحمه الله-: "الرجل إلى الحديث أحوج منه إلى الأكل والشرب، الحديث يفسر القرآن" (٤).
(٢) أخرجه اللالكائى في (شرح أصول اعتقاد أهل السنة) ١: ١٥٦ رقم (٣١٧)، وابن أبي يعلى في (طبقات الحنابلة) ١: ٢٤١، وهو جزء من نص طويل في بيان عقيدة الإمام أحمد بن حنبل.
فائدة: ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٢٠: ٢٤٩) أن الإمام أحمد له رسالة مشهورة في الرد على من يزعم الاستغناء بظاهر القرآن عن تفسير سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
(٣) ينظر: تهذيب الكمال ٣٤: ١٢٧.
(٤) أخرجه الخطيب في (تاريخ بغداد) ٢: ١٨٦، وفي (الكفاية) ص ١٦.