القرآن ولا في السنة، ولا وجدته عن الصحابة، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين" (١).
فهذا نص واضح أن من التفسير ما لا نجده في السنة، فكيف ينسب إليه القول بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- بين للأمة معاني القرآن كله، وفسَّره لهم كاملا؟!.
وأرى أن قوله السابق في مقدمته: "يجب أن يعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بين لأصحابه معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه" من جنس قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر..) (٢) فالتشبيه في الحديث لوضوح الرؤية لا بالمرئي، وكذلك في كلام ابن تيمية التشبيه في وضوح البيان، فقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- ألفاظ القرآن ومعانيه بيانا واضحا كافيا.
قال البقاعي في تفسير قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤)﴾ [النحل: ٤٤]: " (لتبين للناس) كافة بما أعطاك الله من الفهم الذي فقت فيه جميع الخلق، واللسان الذي هو أعظم الألسنة وأفصحها، وقد أوصلك الله فيه إلى رتبة لم يصل إليها أحد، (ما نزل) أي وقع تنزيله (إليهم) من هذا الشرع الحادي إلى سعادة الدارين، بتبيين المجمل، وشرح ما أشكل، من علم أصول الدين الذي رأسه التوحيد، ومن البعث وغيره" (٣).

(١) مقدمة شيخ الإسلام في أصول التفسير، وهي ضمن مجموع الفتاوى ١٣: ٣٦٣ وما بعدها. وانظر: (تفسير القرآن: أصوله وضوابطه) ص ٥٨.
(٢) أخرجه البخاري (٥٥٤) في مواقيت الصلاة: باب فضل صلاة العصر، و (٥٧٣) في مواقيت الصلاة: باب فضل صلاة الفجر، و (٤٨٥١) في تفسير القرآن: باب قوله تعالى: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (٣٩)﴾، ومسلم (٦٣٣) في المساجد ومواضع الصلاة: باب فضل صلاتي الصبح والعصر، وغيرهما من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله -رضي الله عنه-.
(٣) نظم الدرر ١١: ١٦٨.


الصفحة التالية
Icon