ومن المناسب هنا أن يذكر ما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: (التفسير على أربعةِ أوجهٍ: وجهٌ تعرفه العربُ من كلامها، وتفسير لا يُعذر أحدٌ بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله) (١).
قال الإمام الطبري: "تأويل جميع القرآن على أوجهٍ ثلاثة:
أحدها: لا سبيل إلى الوصول إليه، وهو الذي استأثر الله بعلمه، وحَجب علمه عن جميع خلقه، وهو أوقاتُ ما كانَ من آجال الأمور الحادثة، التي أخبر الله في كتابه أنها كائنة، مثل: وقت قيام الساعة، ووقت نزول عيسى بن مريم، ووقت طلوع الشمس من مغربها، والنفخ في الصور، وما أشبه ذلك.
والوجه الثاني: ما خصَّ الله بعلم تأويله نبيَّه -صلى الله عليه وسلم- دون سائر أمته، وهو ما فيه مما بعباده إلى علم تأويله الحاجةُ، فلا سبيل لهم إلى علم ذلك إلا ببيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- لهم تأويلَه.
والثالث منها: ما كان علمهُ عند أهل اللسان الذي نزل به القرآن، وذلك علم تأويل غريبه وإعرابه، لا يُوصَل إلى علم ذلك إلا من قِبَلهم" (٢).

(١) أخرجه الطبري ١: ٧٠ من طريق أبي الزناد عن ابن عباس، ولم يسمع منه. ينظر: تهذيب الكمال ١٤: ٤٨٢. وأخرجه الفريابي في (القدر) رقم (٤١٤) والطبراني في (مسند الشاميين) ٢: ٣٠٢ رقم (١٣٨٥) من طريق أبي حصين عثمان بن عاصم، عن أبي صالح باذام، عن ابن عباس -رضي الله عنه-، بنحوه. وأبو صالح لم يسمع من ابن عباس كا سيأتي في بحث الحديث رقم (١٢١). ولعله يتقوى بمجموع الطريقين.
وأخرجه ابن المنذر في تفسيره ١: ١٣١ (٢٥٥) من طريق محمد بن السائب الكلبي، عن ابن عباس!، والكلبي متهم بالكذب، كما سيأتي تفصيله في الحديث رقم (١٢١).
(٢) تفسير الطبري ١: ٨٧ - ٨٨.


الصفحة التالية
Icon