(ش) تعليل لإختيار هذا اللفظ دون غيره. ثم ذكر الآية (١) والحديث (٢) ووجهُ الموافقة للآية أنك تجعل (أعوذ) بدل (أستعيذ) (٣) ويبقى قولك (بالله من الشيطان الرجيم) في الإستعاذة كما هو في الآية من غير تبديل ولا زيادة ولا نقص.
(١) وهو قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ الآية (٩٨) من سورة النحل.
(٢) وهو ما رواه نافع عن جبير بن مطعم أن الرسول - ﷺ - كان يقول "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" وهو ضعيف كما تقدم ص ٣٠.
(٣) وقد روى عن حمزة هذا اللفظ وروى عنه أيضًا (نستعيذ) و (استعذت) والكل لا يصح، وقد اختاره بعضهم كصاحب الهداية من الحنفية قال: لمطابقة لفظ القرآن يعني قوله تعالى ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾ وليس بشيء. وقول الجوهرى: عذت بفلان واستعذت به: أي لجأت إليه مردود عند أئمة اللسان بل لا يجزئ ذلك على الصحيح كا لا يجزيء (أتعوذ) ولا (تعوذت) وذلك لأن السين والتاء شأنهما الدلالة على الطلب فوردتا في الأمر إيذانا بطلب التعوذ، فمعنى استعذت بالله: أطلب منه أن يعيذني فامتثال الأمر هو أن يقول: أعوذ بالله، لأن قائله متعوذ أو مستعيذ قد عاذ والتجأ والقائل: أستعيذ بالله ليس بعائذ إنما هو طالب العياذ به كما تقول: أستخير الله أي أطلب خيرته وأستقيله أي أطلب إقالته، وأستغفره أي أطلب مغفرته، قد خلت في عل الأمر إيذانا بطلب هذا المعنى من المعاذ به، فإذا قال المأمور أعوذ بالله فقد امتثل ما طلب منه فإنه طلب منه نفع الإعتصام والإلتجاء وفرق بين الإعتصام وبين طلب ذلك. فلما كان المستعيذ هاربا وملتجأ ومعتصماً بالله أتى بالفعل الدال على طلب ذلك والحاصل أن السين والتاء لا تدخلان في فعل المستعيذ الماضي والمضارع - لمن قيل له: استعذ، بل لا يقال إلا أعوذ، فإن قال من أمر بالتعوذ: أستعيذ وأتعوذ واستعذت لم يكن عندئذ ممتثلا للأمر للنكتة السابقة التي ذكرها أبو أمامة محمد بن علي بن عبد النقاش - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - في كتابه (اللاحق والسابق والناطق والصادق) كما في النشر جـ ١ ص ٢٤٦، ٢٤٧.
وأيضاً لم يرد عن النبي - ﷺ - في التعوذ للقراءة ولسائر تعوذاته غير (أعوذ): هو الذي أمره الله تعالى به وعلمه أياه فقال: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ﴾ قال عن مريم - عليها السلام -: ﴿قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ﴾ إلى غير ذلك من الآيات التي =
(٢) وهو ما رواه نافع عن جبير بن مطعم أن الرسول - ﷺ - كان يقول "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" وهو ضعيف كما تقدم ص ٣٠.
(٣) وقد روى عن حمزة هذا اللفظ وروى عنه أيضًا (نستعيذ) و (استعذت) والكل لا يصح، وقد اختاره بعضهم كصاحب الهداية من الحنفية قال: لمطابقة لفظ القرآن يعني قوله تعالى ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾ وليس بشيء. وقول الجوهرى: عذت بفلان واستعذت به: أي لجأت إليه مردود عند أئمة اللسان بل لا يجزئ ذلك على الصحيح كا لا يجزيء (أتعوذ) ولا (تعوذت) وذلك لأن السين والتاء شأنهما الدلالة على الطلب فوردتا في الأمر إيذانا بطلب التعوذ، فمعنى استعذت بالله: أطلب منه أن يعيذني فامتثال الأمر هو أن يقول: أعوذ بالله، لأن قائله متعوذ أو مستعيذ قد عاذ والتجأ والقائل: أستعيذ بالله ليس بعائذ إنما هو طالب العياذ به كما تقول: أستخير الله أي أطلب خيرته وأستقيله أي أطلب إقالته، وأستغفره أي أطلب مغفرته، قد خلت في عل الأمر إيذانا بطلب هذا المعنى من المعاذ به، فإذا قال المأمور أعوذ بالله فقد امتثل ما طلب منه فإنه طلب منه نفع الإعتصام والإلتجاء وفرق بين الإعتصام وبين طلب ذلك. فلما كان المستعيذ هاربا وملتجأ ومعتصماً بالله أتى بالفعل الدال على طلب ذلك والحاصل أن السين والتاء لا تدخلان في فعل المستعيذ الماضي والمضارع - لمن قيل له: استعذ، بل لا يقال إلا أعوذ، فإن قال من أمر بالتعوذ: أستعيذ وأتعوذ واستعذت لم يكن عندئذ ممتثلا للأمر للنكتة السابقة التي ذكرها أبو أمامة محمد بن علي بن عبد النقاش - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - في كتابه (اللاحق والسابق والناطق والصادق) كما في النشر جـ ١ ص ٢٤٦، ٢٤٧.
وأيضاً لم يرد عن النبي - ﷺ - في التعوذ للقراءة ولسائر تعوذاته غير (أعوذ): هو الذي أمره الله تعالى به وعلمه أياه فقال: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ﴾ قال عن مريم - عليها السلام -: ﴿قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ﴾ إلى غير ذلك من الآيات التي =