ووجه من فصل في هذه المواضع الأربعة أنه استثقل اتصال (لا) (١) النافية بقوله تعالى: ﴿هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ﴾ (٢) وبقوله تعالى: ﴿فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾ (٣) لما في ذلك من إيهام النفي لما قبلها، وكذلك استثقلوا اتصال (ويل) (٤) بالإِسم العظيم في قوله تعالى: ﴿وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ (٥) وبقوله تعالى: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ (٦) ففصلوا بالتسمية ليندفع هذا الإستثقال. وهذا النظر ضعيف لوجهين:
أحدهما أنه كان يلزم أن يفصل بين التسمية وأوائل السور إذ الإِستثقال في
قولك: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لا) مثل الإِستثقال في قولك (هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ لَا) وكذلك في اتصال (ويل) بالتسمية مثل ما في اتصاله بآخر السورة قبله.
والوجه الثاني أنا نجد في أثناء السورة مثل هذا التركيب ولا يلزم فيه الفصل، بل وقد لا يجوز في بعض المواضع كقوله تعالى: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ﴾ (٧).
فوقعت (لا) بعد اسم (الله) تعالى وبعد (الحي القيوم). وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (٨) ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي
وبعض من قوله جل وعلا: ﴿لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ الآية (١) من سورة البد - ٩٠.
(٢) الآية (٥٦) من سورة المدثر - ٧٤.
(٣) الآية (٣٠) من سورة الفجر - ٨٩.
(٤) جزء من قوله تعالى: ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾ الآية (١) من سورة الهمزة - ١٠٤.
وجزء من قوله تعالى: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾ الآية (١) من سورة المطففين - ٨٣.
(٥) الآية (١٩) من سورة الإنفطار - ٨٢.
(٦) الآية (٣) من سورة العصر - ١٠٣.
(٧) الآية (٢٥٥) من سورة البقرة - ٢ -.
(٨) الآية (٧) من سورة الممتحنة - ٦٠ -.