ولو صاغ تجويز إدغام الحرف المشدد في حرف آخر حتى يصير الإِدغام في ثلاثة أحرف لساغ تقدير إدغامه في حرف رابع ثم خامس. وهذا هذيان.
ولم يجز إدغام المنون لأن التنوين حرف فاصل بين الحرفين ولا يكون إلا بعد حركة، فيكون الفصل بين الحرفين بالحركة والتنوين.
وقد مر أن شرط الإِدغام ألا (١) يفصل بين الحرف المدغم والمدغم فيه بحركة ولا بحرف ولا بسكت وقد تقدم عند ذكر الهاء التنبيه على الفرق بين التنوين وصلة الهاء من حيث جاز حذف الصلة ولم يجز حذف التنوين والله تبارك وتعالى أعلم.
ولم يجز إدغام تاء المتكلم والمخاطب لأنها اسم وهي مع ذلك على حرف واحد، فعزموا على إبرازها بالتفكيك وتقويتها بالتحريك احرازًا لمرتبتها على تاء التأنيث في نحو: قامت هند فلو ادغمت لذهبت (٢) "قوتها بالإسكان واستتر وجودها بالإدغام وكان ذلك توهينًا لها وتسوية بينها وبين حرف التأنيث في نحو: ﴿كَانَتْ تَّأْتِيهِمْ﴾ (٣) وقد عزموا على التفرقة بينهما حيث أسكنوا حرف التأنيث وحركوا الضمير فكان من تمام هذا الإحترام: إبقاء حركتها عند لقيها مثلها.
فإن قيل: هذا بين في قوله تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُواْ﴾ (٤) ونحوه مما الضمير فيه التاء وحدها، فأما إِذا كان الضمير أكثر من حرف واحد نحو: ﴿أَنْتَ تَحْكُمُ﴾ (٥) فإن الضمير هنا الهمزة والنون وإنما التاء علامة

(١) في الأصل: (لا) وهو خطأ والصواب ما في باقي النسخ ولذا أثبته.
(٢) في الأصل: (لذهب) وهو خطأ والصواب ما في باقي النسخ ولذا أثبته.
(٣) جزء من الآية (٢٢) غامر.
(٤) جزء من الآية ٤٨ العنكبوت.
(٥) جزء من الآية ٤٦ الزمر.


الصفحة التالية
Icon