(ش) اعلم أنه يريد هنا بالمعتل أن الكلمة الأولى حذف من آخرها حرف فصار الحرف الذي كان قبل المحذوف آخرًا في اللفظ ولقي مثله من أول الكلمة الثانية فقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ﴾ (١) كان أصله (ييتغي) بياء بعد الغين مثل (يرتضى) فحذفت الياء للجزم وكذلك (يَخْلُ لَكُمْ) أصله (يخلوا) بواو بعد اللام مثل (يبدو) فحذفت الواو للجزم وكذلك (وَإن يَكُ كَذِبًا) أصله (يكون) فحذفت الواو والنون للجزم على التدريج المذكور في النحو (٢) ثم لقيت الغين من (يبتغ) واللام من (يخل) والكاف من (يك) أمثالها، فمن أخذ بالاظهار راعى أن هذا الإلتقاء عارض فلم يعتد به.
ورأي أن المثلين في هذه المواضع في حكم الفصول بينهما بالحرف الأصلي الذي حذف للجزم مع ما في الإِدغام من الاجحاف بالكلمة: إِذ قد ذهب منها حرف بالجزم ويذهب الثاني بالإِدغام.
(٢) اعلم أن المضارع من (كان) ناقصة كانت أو تامة إِذا انجزم بالسكون ولم يتعحل به ضمير نصب ووليه متحرك تحذف منه النون وصلًا، والقياس يقتضي ألا تحذف، لكنهم حذفوها تخفيفًا لكثرة الإستعمال فقالوا لم يك، والأصل: بسكون. فحذف الجازم الضمة التي على النون فالتقى ساكنان: الواو والنون فحذف الواو لإلتقاء الساكنين فصار اللفظ (لم يكن)، ثم حذفت النون وهو حذف جائز لا لازم، قال ابن مالك:
ومن مضارع لكان منجزم | تحذف نون وهو حذف ما التزم |